بدون الثقة لا تستطيع أدمغتنا قياس الأخطاء وتصحيحها لاتخاذ القرار الأمثل


وجد علماء الأعصاب في جامعة نيويورك New York University أن الثقة تفيد في كلٍّ من قياس الأخطاء وتعديل نهجنا في عملية صنع القرار. تقدم دراستهم نظرة عميقة حول الطبيعة الهرمية لكيفيّة اتخاذنا للقرارات على مدى فترات طويلة من الزمن، بدءًا من التشخيص الطبي والمعالجة وانتهاءً بالاستراتيجيات التي نستخدمها لاستثمار أموالنا.


يقول برادن بورسل Braden Purcell، عضو في جامعة نيويورك NYU في مرحلة ما بعد الدكتوراه والباحث الرئيس في هذه الدراسة التي نشرت في دورية Proceedings of the National Academy of Sciences ، موضحاً: "ما يعترضنا حول فهم سبب اتخاذنا لقرارات معينة على مدى فترات طويلة هو تحديد الأسباب الحقيقية لنتائج قراراتنا"، ويضيف: "عندما نرتكب خطأً ما، فإن هذا ربّما يعني ببساطة أننا غير محظوظين أو يمكن أن يشير لوجود خلل أعمق في استراتيجيتنا الإجمالية. على سبيل المثال، إن ساءت صحة المريض، فهل يتوجب على الطبيب فقط أن يجرب علاجًا آخر أم عليه أن يعيد النظر كليًّا في التشخيص الأصلي؟ النتائج التي توصّلنا إليها ترسم هيكل عمل لكيفية اتخاذ تقييمات كهذه."

تُظهر الدراسة أن العنصر الأساسي في هذه العمليّة هو الثقة.

ويردف الباحث المشارك روزبِه كياني Roozbeh Kiani، وهو أستاذ مساعد في مركز علم الأعصاب في جامعة نيويورك، قائلًا: "لقد وجدنا بالنتيجة أن الدماغ يستخدم الثقة لقياس الأخطاء ومراجعة استراتيجية القرار،" ويضيف: " تؤثر ثقتنا في تقييماتنا الأولية تحديدًا بكيفيّة إعادة النظر فيها."

لم يكن الهدف من هذه الدراسة عمومًا هو فهم القرارات البسيطة عن المعلومات المتاحة لنا بشكل مباشر فحسب ، بل أيضًا تصوُّر القرارات حول الاستراتيجيات التي توجّه القرارات المتعددة على مر الزمن.

وللقيام بذلك، فقد صمم الباحثون تجربة يحكم فيها الأشخاص على اتجاه الحركة النهائي لعدة نقاط على شاشة الحاسوب، وسُجِّلت أحكام الأشخاص من خلال قياس حركة العين تجاه واحد من عدة أهداف على الشاشة. والجدير بالذكر أن الهدف الصحيح لاتجاه الحركة يمكن أن يتغير كل بضع محاولات بدون أي تلميح واضح بحيث يتوجب على الأشخاص استنتاج هذه التغيرات في البيئة من خلال النتائج الخاطئة. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ الأخطاء من مصدرين: إما خطأ في إدراك الحركة النهائية للنقاط المتحركة في اتجاهات متعددة أو تغيير في الأهداف الصحيحة.

اكتشف الباحثون أن الاشخاص أزالوا غموض مصدر الخطأ معتمدين على ثقتهم. فالأشخاص الواثقون باتجاه حركة ما، نسبوا النتائج السلبية إلى تغيّر في البيئة واكتشفوا بسرعة الأهداف الجديدة التي أشارت إلى تغييرٍ كهذا. أما الأشخاص الأقل ثقةً، اعتبروا أن النتائج السلبية هي دليل جزئي لتغيّر في البيئة لكنهم استبعدوا اكتشاف هدف جديد حتى وصل مجموع الأدلة – الثقة بمحاولات خاطئة – إلى عتبة معيّنة.

وفقاً لبورسل وكياني، يجب على متّخذ القرار المثالي أن يفعل بالضبط كما فعل المشاركون في تجربتهم: تجميع الأدلة إلى عتبة معينة تضمن أن يتم الكشف عن تغيّر البيئة في أقرب وقت ممكن. بالإضافة لذلك، يجب على متّخذي القرار المثاليين ضبط عتبة تحويل الاستراتيجية اعتمادًا على تقلّبات البيئة؛ بحيث تكون العتبات الأخفض للبيئات التي تتغير مرات أكثر.

وقد أظهروا بعد اختبارهم لهذه الاحتمالية أن الأشخاص كانوا أسرع في اكتشاف التغيّرات الجديدة عندما حدثت التغيّرات في البيئة بشكل أكثر تكرارًا.

ليست هناك تعليقات