مروان شرف.. اسم يتردد عندما يفوح عبير النجاح في البيوت الفلسطينية


في لحظات الترقب و والانتظار وحبس الأنفاس ومع اقتراب الموعد السنوي لإعلان نتائج الثانوية العامة يتردد اسم من أسماء طواقم التربية والتعليم ويدخل البيوت الفلسطينية ويظهر على شاشات التلفزيون ليعلن أسماء الناجحين والأوائل فيفوح عبير النجاح والتفوق.


إنه مروان شرف مدير عام القياس والتقويم والامتحانات بوزارة التربية والتعليم العالي الذي وافته المنية في الأول من مارس الحالي بعد صراع طويل مع المرض، لقد رحل وترجل بعد 35 عاماً من العطاء في الميدان التربوي والتعليمي.

النشأة

ولد مروان خليل شرف في الرابع والعشرين من يناير من العام 1959 لأسرة فلسطينية هُجرت من بلدتها الأصلية المجدل، كان شغوفاً بالعلم والتعلّم منذ نعومة أظفاره حيث أنهى التعليم الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة الغوث بمدينة غزة قبل أن ينتقل لمدرسة يافا الثانوية العريقة بغزة.

واصل التميز وكان يلقى الإشادة من الزملاء الطلبة والمعلمين، وعندما حانت مرحلة الثانوية العامة امتشق حسام التحدي، لأن الثانوية العامة كانت تخضع لنظام دقيق للغاية في ذلك الوقت و تتبع المنهاج والإجراءات التعليمية المصرية.

 تقدم لامتحانات الثانوية العامة وحقق النجاح والتفوق والشيء اللافت أنه حصل على علامة 120 من 120 في مادة الرياضيات وهي علامة لم يحصل عليها أحد في القطاع آنذاك في مادة الرياضيات.

مدرسة خالد

الطموح في العلم والنبوغ في الرياضيات أهّلته لأن يلتحق لدراسة الرياضيات بجمهورية مصر العربية حيث تخرج وحصل على درجة البكالوريوس، ثم عاد إلى أرض الوطن ومباشرة تم تعيينه كمدرس رياضيات في مدرسة خالد بن الوليد الثانوية للبنات في العام 1983.

عاش حيناً من الوقت في مدرسة خالد يثبت الجدارة تلو الجدارة ثم انتقل للعمل في مدرسة الزهراء الثانوية ثم مدرسة فلسطين.

 لقد عرفته المدارس و الفصول والسبورات والطباشير، عرفته الأقلام، عرفته الأمطار حين تغزر ويهرول قبيل الولوج إلى الفصول، من أجل حصة دراسية جديدة، عرفه الطلبة الذين يرفعون أيديهم للإجابة في جو صفي نشيط مليء بالحيوية، وعهده المعلمين والمعلمات كزميل راقي صاحب الأخلاق العالية.

خاض تجربة التدريس في عهد الاحتلال الإسرائيلي لمناطق القطاع، وهي تجربة قاسية خاصة وأن الاحتلال كان يقتحم المدارس ويطلق النار وقنابل الغاز على الطلبة والمعلمين.

تأليف المناهج

في العام 1995 تقدم لوظيفة مشرف تربوي بالوزارة وحصل عليها بجدارة، وهنا بدأت محطة جديدة في حياته التعليمية حيث نقل خبراته التعليمية إلى الإشراف وأصبح مشرفاً متمرساً ينقل خبراته ويوجه المعلمين التوجيه العلمي السليم.

وخلال وجوده في الإشراف اتجهت الأنظار نحوه فتم اختياره ليكون ضمن الفرق الوطنية والفنية في تأليف المنهاج الدراسي، وهو بذلك يكون قد شارك في تأليف أول منهاج فلسطيني خالص يرى النور عام 2000 لقد شارك في تأليف كتب الرياضيات للمرحلة الثانوية ومراحل أخرى.

كان فاعلاً في مجال تدريب معلمي المراحل الثانوية و عمل بمهام مقابلات المعلمين الجدد ووضع أسئلة الامتحانات ولجان التصحيح الخاصة بالثانوية العامة لعدة سنوات إضافة إلى المشاركة في وضع أسئلة ونماذج تدريبية.

واصل التقدم والارتقاء في العمل حيث تم تعيينه كنائب فني لمديرية تعليم غزة عام 1998 ثم قائماً بأعمال مدير دائرة متابعة الميدان في عام 2001 ثم مدير دائرة الإدارات التربوية عام 2002، ثم مدير دائرة الامتحانات، بعد ذلك مساعد مدير عام القياس والتقويم والامتحانات في 2005، ثم مدير عام القياس والتقويم والامتحانات في العام 2011.

وفي خضم ذلك واصل مسيرته التعليمية حيث حصل على درجة الماجستير في التربية من جامعة الأزهر في العام 2003.

الامتحانات

الامتحانات كانت الميدان الرحب لمروان شرف حيث عُرف بالامتحانات، والامتحانات كانت تُعرف به، ففي البداية كان شغله الشاغل تطوير الامتحانات ونظامها لجميع المراحل وخاصة الثانوية العامة، و عمل جاهداً على تطوير عمليات التصحيح والفرز واستخراج النتائج.

كان دائماً يضع عينيه بين مصلحة الطلبة، وكما يقول زميله جمال يوسف: "إنه في الغرف المغلقة كان دائماً يعمل باستمرار في صالح طلبتنا، والوقوف بجانبهم وإنصافهم".

وقد أدى شرف دوراً وطنيا في الحفاظ على امتحان الثانوية العامة كمعلم وطني وسيادي من خلال التطوير والتحديث ، وكان له الدور البارز في الحفاظ على هذا الامتحان خلال فترة الانقسام الفلسطيني، و الدور المهم في إثراء وتطوير امتحانات الثانوية العامة وفق نظامها الجديد .

 بالرغم من عمله بصمت إلا أنه كان نجماً إعلامياً يلاحقه الإعلام بمختلف أشكاله المكتوب والمرئي والمسموع وذلك للحصول المعلومات الخاصة بالامتحانات.

وفي مراحله الأخيرة واصل العمل بكل جد وإخلاص رغم غول المرض، حتى أنه في آخر أيامه كان يفكر في التعليم والامتحانات وقد أشرف على الترتيبات الخاصة بامتحانات الثانوية العامة لامتحانات الثانوية العامة للعام الحالي 2018.

مروان شرف.. قد آن الرحيل.. وأسدل الستار.. لكن تبقى الذكرى العطرة.. وتخليد المجد يرسخ في نفوس أجيالك.

ليست هناك تعليقات