10 أشياء قد تغير دماغك


باستخدام تقنيات تصوير الأعصاب الأكثر تقدماً، توصل العلم لبعض الأنشطة التي بإمكانها تعديل الدماغ بشكلٍ دائم، وذلك إما عن طريق تغيير تركيب الدماغ، أو تكبيره أو تصغيره، أو تغيير الكيمياء الحيوية في الدماغ، ولقد اخترنا 10 من هذه الأنشطة لنعرف تأثيرها على الدماغ.


النوم السيء

إذا نمت قليلاً أو بشكلٍ سيءٍ ينكمش دماغك، هذا هو الاستنتاج الذي توصلت إليه كلير سيكستون Claire E.Sexton وزملاؤها في جامعة أكسفورد بإنجلترا العام الماضي، بعد استخدام جهاز الرنين المغناطيسي MRI لدراسة العلاقة بين نوعية النوم السيء وحجم الدماغ. 

ولقد أظهرت النتائج، التي نشرت في دورية Neurology، أن وجود مشكلةٍ في النوم مرتبطٌ بانخفاضٍ سريعٍ في حجم الدماغ، هذا الانحدار في حجم الدماغ يؤثر على مناطق هامة، مثل الفص الصدغي والجبهي والجداري من الدماغ، حيث توجد مراكز اللغة والإحساس باللمس والتوازن والقدرة على الحساب واتخاذ القرارات.

قراءة الروايات


قال الكاتب الأرجنتيني Jorge Luis Borger: "أنت هو أنت، نتيجة لما تقرأه لا لما تكتبه"، ولقد بين علم اﻷعصاب أيضاً -على الأقل فيما يتعلق بالدماغ- أن الكاتب الأرجنتيني كان على حق، إذ إن أجزاء معينة من الدماغ تتغير عندما نقرأ. 

طبقاً لدراسة نُشِرت في دورية Brain connectivity، فإن الوصلات العصبية في الفص الصدغي الأيسر (المتعلقة باللغة)، والوصلات الموجودة في التلم المركزي central sulcus (المتعلقة بالإحساس بالحركة)، تزداد بعد قراءة روايةٍ خياليةٍ مثل بومباي Pompei للكاتب روبرت هاريس. 

وتوجد دراساتٌ أخرى نُشِرت في دورية Psychological Science، تقترح أن قراءة أعمال فرانس كافكا كلها وكذلك أعمال الكتاب الآخرين من الفئة السيريالية، يخلق أنماطاً جديدةً في الدماغ تجعلنا أكثر ذكاءً.

لعب ألعاب الفيديو الإثارية (Action Games)

أولئك الذين يبحثون عن ذريعةٍ لقضاء بضع دقائق من وقت الفراغ في لعب لعبة الفيديو الإثارية action video game المفضلة لديهم هم محظوظون، إذ إنه ثبت أن ذلك يفيد الدماغ. 

وفقاً لنتائج التجربة التي أجراها إيان سبينس Ian spence وزملاؤه في جامعة تورنتو بكندا، فإن قضاء عشر ساعاتٍ من مواجهة تحديات كول أوف ديوتي call of duty أو ميدل أوف أونر Medal of honor، كافية لتعديل النشاط الكهربي للدماغ. 

تشمل التغييرات زيادةً في الانتباه البصري والقدرة على تجاهل المعلومات التي ليس لها صلة بالموضوع الرئيسي وتسبب التشتت، وبعبارةٍ أخرى، تطور ألعاب الفيديو الانتباه المكاني الانتقائي، وهي قدرة إيجابية في العديد من الأنشطة اليومية. 

التأمل:

بعد التأمل، لا يبقى دماغك كما هو، بل يتغير. 

في عام 2011 قدمت سارة لازار Sara Lazar (وهي باحثة في المشفى العام في مساشوستس في الولايات المتحدة) أقوى دليلٍ على أن هذا صحيح، وباستخدام جهاز الرنين المغناطيسي لفحص رأس 16 مريضاً، أوضحت لازار أن 8 أسابيع من ممارسة تأمل اليقظة mindulness meditation لمدة 30 دقيقةً يومياً، كان كافياً لزيادة كثافة المادة الرمادية في الحُصَين hippocampus (منطقة على شكل فرس البحر مرتبطة بالتعلم و الشعور بالإجهاد). 

ازدادت كثافة المادة الرمادية أيضاً في مناطق الدماغ المرتبطة بالوعي بالذات والتعاطف والتأمل، في حين أن كثافة المادة الرمادية نقصت في منطقة اللوزة amygdala (منطقة في الدماغ تشبه اللوزة في الشكل، ولها دور رئيسي فى الشعور بالقلق والتوتر). 

هذه التغيرات في الدماغ قد تفسر لماذا أصبح التأمل الذهني فعالاً جداً للتخلص من الإجهاد، وأصبح هذا شائعاً في الأيام الحالية.

ممارسة الرياضة:


من الواضح أن ممارسة الرياضة تساهم في إعطاء عضلاتك شكلاً، ولكن تأثيرها على الدماغ لا يزال غير معروفٍ بشكلٍ جيد. 

مجرد ركوب دراجةٍ ثابتة، والتبديل بقدميك لمدة 30 دقيقةً ثلاث مراتٍ في الأسبوع، ولمدة ثلاثة شهورٍ متتالية، يكفي لزيادة حجم الحصين hippocampus في الدماغ من 12 إلى 16%، ويحسن الذاكرة، ويمكن قراءة هذه النتائج في دورية Archives of General Psychiatry. 

وكشفت تجربة حديثة أخرى أنه إذا كان علينا الخضوع لاختبار مفرداتٍ بعد 3 دقائق من رياضة العدْو، فإن تعلمَنا للكلمات سيكون أسرع 20% مما لو كنا سنستخدم ذلك الوقت للراحة أو إجراء الرياضة الهوائية. 

ومن بين الأسباب الأخرى، أنه بعد ممارسة الرياضة يزداد في الدماغ مستوى مادةٍ تُعرف باسم العامل التغذوي العصبي (brain-derived neurotrophic factor (BDNF، وهي عبارةٌ عن جزيء مسؤول عن إبقاء الخلايا العصبية حية، ومسؤولٌ عن التعلم.

الألم المزمن

بالرغم من أن المريض الذي يعاني من ألمٍ مزمنٍ يتعامل جيداً مع الألم البدني الدائم، إلا أن دماغه يتدهور في نهاية المطاف. 

تحدث أهم التغييرات في الاتصالات العصبية لمنطقة القشرة الجبهية المرتبطة بالتحكم بالعواطف، ويقول دانتي كيالفو Dante Chialvo (عالم الفيزيولوجبا بجامعة نورثويستيرن في الولايات المتحدة، وشارك في وضع دراسةٍ نُشرت في الدورية The Journal of Neuroscience): "إذا كنت تشعر بالألم على مدار الساعة سبعة أيامٍ في الأسبوع، فهذا يعني أن هناك مناطق في دماغك تعمل باستمرارٍ بشكلٍ نشط، وعندما تكون الخلايا العصبية في وضع العمل طوال الوقت، فإنها ستتعطل أو ربما تموت، لأنها لا تستطيع العمل بصورةٍ دائمةٍ دون راحة، والنتيجة هي أن الدماغ يتغير ويتضرر بصورةٍ دائمة، و تحدث اضطراباتٌ في النوم وتظهر صعوباتٌ خطيرةٌ في اتخاذ القرارات". 

تعلم أشياء جديدة


لو طبقنا بدقةٍ القول الإسباني "لا تذهب للنوم دون أن تتعلم شيئاً جديداً"، فإن أدمغتنا سوف تلاحظ ذلك. 

فعلى الصعيد الكيميائي البيولوجي، تحدث تغييراتٌ فوريةٌ في كيمياء الدماغ عند تعلم أشياء جديدة. 

فعند الوصلات العصبية، يرتبط بروتين يسمى الكاتينين دلتا delta catenin مع الأحماض الدهنية، للسماح لنا بتخزين البيانات الجديدة في الذاكرة، كما يتم أيضاً إعادة تكوين بنية الدماغ. 

في الواقع، فإن تعلم لغةٍ جديدةٍ يجعل الدماغ ينمو عن طريق زيادة كثافة المادة الرمادية grey matter في المناطق التي لها علاقة باستخدام اللغة، وقد كشفت دراسةٌ في علم الأعصاب -استناداً إلى سائقي سيارات الأجرة في لندن- أن تعلم طرق هذه المدينة البريطانية الضخمة يجعل منطقة الحُصين في الدماغ (وهو التركيب الدماغي المسؤول عن التمثيل المكاني للعالم من حولنا) أكبر بكثيرٍ من بقية البشر العاديين.

السجائر 

عند تقييم آثار التبغ على الصحة، ينبغي ألا ننظر فقط إلى آثاره على الرئتين، إذ أن الاعتماد على النيكوتين يُحدث أيضاً خللاً في كيمياء الدماغ.

هذه هي النتيجة التي توصل إليها العلماء الألمان فى جامعة بون Bonn University بعد دراسة أدمغة 43 مدخناً بواسطة تنظير الطيف بالرنين المغناطيسي البروتوني Proton Magnetic resonance spectroscopy، وهي تقنيةٌ لتحليل نواتج أيض الدماغ brain metabolism. 

هؤلاء المدمنون على النيكوتين لديهم كميةٌ أقل من الحمض الأميني ن-أسيتيل أسبارتات (acetyl aspartate) واختصارًا NAA في الجزء الأمامي من القشرة الحزامية cingulate cortex، التي تعالج المتعة والألم.

تكمن المشكلة في أن انخفاض مستوى الـ NAA مرتبطٌ باضطراباتٍ نفسيةٍ مثل الفصام schizophrenia والخرف dementia، فضلاً عن ميلٍ إلى تعاطي المخدرات. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن مادة الكولين Choline تنخفض أيضاً لدى المدخنين، وهي جزءٌ ضروريٌّ لعمل القلب والدماغ. 

الخبر السار هو أن هذه التغيرات الكيميائية تتلاشى بعد عدة شهورٍ من الإقلاع عن التدخين.

التلاعب بالأشياء


القدرة على الاحتفاظ بثلاث كراتٍ دائرةٍ في الهواء هو أمرٌ مثيرٌ للمتعة. 

وأيضاً، وفقاً لبحثٍ أجرته جامعة أكسفورد بإنجلترا، فإنها تؤدي لتغييراتٍ بالمادة البيضاء في الدماغ White matter، مهما كان العمر الذي تكتسب فيه هذه المهارة. 

المادة البيضاء عبارة عن ألياف عصبية متشابكة تجري فيها الإشارات العصبية، وتربط الخلايا العصبية ببعضها البعض، بينما يتم معالجة المعلومات في المادة الرمادية. 

بالعمل مع 24 متطوعاً، وجدت هايدي جوهانسنز بيرغ Heidi Johansens Berg وزملاؤها أنه وبعد ستة أسابيع من ممارسة اللعب بالكرات لمدة 30 دقيقة يومياً، تحدث تغييراتٌ في وصلات الدماغ في الأماكن التي لها علاقة بالرؤية المحيطية peripheral vision، وهي قدرة مفيدة في الحياة اليومية. 

تراكم الكثير من الدهون

تراكم الدهون لا يهدد عملية الأيض فقط، بل إنه يزيد أيضاً من مخاطر أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري، يمكن كذلك للكروش أن تكون ضارةً بصحة الدماغ. 

توجد دراساتٌ في دورية Annals of Neurology، تشير إلى أنه كلما زاد مؤشر كتلة الجسم Body mass index (معادلة يتم فيها استخدام الوزن والطول لمعرفة ما إذا كان الجسم في الوزن المثالي أم لا-المترجمة)، زادت خطورة انكماش الدماغ مع التقدم في العمر، وبالتالي نصبح ضحايا لمرض الخرف أو مرض آلزهايمر.

ملحوظات هامة جدا:

  • ليس فقط السجائر و النوم السيء ما تسبب تغييرات سلبية فمعظم العادات السيئة تسبب تغييرات مماثلة و متفاوتة و لكن هناك عادات أخرى يتجاهلها الجميع منها "الكسل" و لكن أهمها عادة "جلد الذات" و تنبع من عدم الثقة و التعود على تعذيب النفس فبالتالي التصديق بالأفكار السلبية و تبدد الشخصية ومن ثم الدخول في حالة تعرف بـ"الإدراك الضبابي" مما يسمح بتقبل أخطر الكبائر كالانتحار والعياذ بالله، فهذه العادة من المحرمات التي حرمها الله تعالى في كتابه و بهذا تعتبر عادة سيئة (سواء كان الأمر نفسيا أو جسديا) و قد تصبح جزءاً من الطبع و لها تأثير خطير على الدماغ إذ يصبح الدماغ ميالاً للاكتئاب أكثر من السعادة، و الدماغ متصل بالروح أيضا فبالتالي لن يرحم.

  • الثقة واحدة من أكثر الأمور إيجابية و تجعل الدماغ قادراً على اتخاذ القرارات السليمة و بسرعة، فالكثير من الأخطاء السلوكية سواء في المهنة أو الصحة النفسية أو التربوية أو حتى أخطاء التنشئة حلولها تعتمد على عنصر الثقة، لهذا الثقة بالله و حبه و خوفه يعتبر مفتاح الصبر و النجاح في الدنيا والآخرة، و تعتبر من أجمل العادات النفسية التحلي بالثقة و الصبر، و سنتحدث عن الثقة لاحقا.

  • للأسف يهمل الكثير الناس عنصر القراءة فهي مفتاح التطوير و التطور و الانفتاح أيضا، كما أنها تساعد على تنظيم الأفكار و تهدئة النفس.

  • ليس الألعاب الإثارة وحدها ما تنمي المخ فهناك الألعاب الاستراتيجية بأنواعها و هناك ألعاب تجمع الاثنين معاً (الإثارة و الاستراتيجية) فهي تزيد من مهارة التركيز و الحفظ و تمنح العقل القدرة على التخطيط، لكن يجب أن لا ننسى إنه من العادات السيئة اللعب لمدة طويلة جدا فلعب لعبة كهذه لمدة ساعة أو ساعتين على الأكثر (يجب أن لا يزيد عن ساعتين) أسبوعيا كاف ليرفع من مستوى ذكاء المخ كما أن هذا الأسلوب المنظم في اللعب يمنح القدرة لتنظيم الوقت.

  • ألعاب الألغاز، و هي متوفرة على الهواتف الذكية، تزيد من مهارة التفكير للمخ.

  • كمسلمين، التعود على نمط العبادة قلباً و روحاً و جسداً يساعد على التخلص من كل أشكال الطاقات السلبية في الجسم (وهذا مثبت علميا)، لكن يجب أن تدرك أن التعبد بدون قلب أو التنفيذ لا يحقق الأهداف المرجوة منها، أما لماذا تطرقنا بالحديث عن الطاقات السلبية لا عن وسواس الشيطان لأنه معروف، لكن الجميع يتجاهل أمراً هامّاً فالسلبيات لا يغذّيها الشيطان فقط أو يتغذى عليها فـ"النفس الأمارة بالسوء" تعطينا أفكاراً وأفعالاً غير مرغوبة بها و تدمرنا، و لهذا قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي ومن شر منيي، فإن للنفس شروراً تهلك، و كان يردد أيضا: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

  • العادات الاجتماعية السليمة كالزيارات و الترفيه عن النفس بالتنزه و السفر و خلافه، من العادات الصحية للغاية و تجعل الدماغ، مع التعود، يعطي إحساس بالألفة و السعادة مما يزيد الطاقات الإيجابية.

ليست هناك تعليقات