الطالب الشهيد "أسامة سحويل".. رحيلٌ أفجع القلوب

على عجل رحلت أيها الفارس.. فأبكيت العيون وفجعت القلوب.. وفتحت جرحا لا يندمل فيمن عرفوك.. بكتك شوارع وأزقة بلدتك الشامخة بيت حانون.. أنّت لرحيلك جدران ومقاعد مدرستك.. أما زملاؤك الطلبة ومعلموك المصدومون برحيلك المفجع فلا زال الإصرار على مواصلة الدرب يسكنهم...

إننا نتحدث هنا عن الطالب المجتهد الشهيد أسامة محمد سحويل.. ابن بلدة بيت حانون وابن الفرع الشرعي بمدرسة مهدية الشوا الثانوية للبنين..

واستشهد الطالب "سحويل" بتاريخ 30/7/2014 خلال حرب إسرائيلية دموية على قطاع غزة استمرت على مدار (51) يوما، إثر قصف إسرائيلي استهدف مركز الإيواء بمدرسة "أبو حسين" التابعة لـ"الاونروا" بمخيم جباليا ما أدى إلى استشهاد 12 مواطنا آخرين وإصابة نحو تسعين آخرين.

ولتسليط مزيد من الضوء على حياة ورحيل الشهيد الطالب "سحويل" دعونا نبدأ من البداية...

الحكاية من البداية

فقد ولد الشهيد ببلدة بيت حانون لأسرة ملتزمة بتعاليم دينها ومتمسكة بعادات وتقاليد شعبنا ومؤمنة، وتدرّج في مدارسها وصولا إلى مدرسة "مهدية الشوا" ليلتحق بالفرع الشرعي لإيمانه اليقيني بأهمية هذا الفرع في بناء شخصية الطالب وتعزيز قدراته وانتمائه لوطنه وقضيته...

الطالب يوسف محمد فياض (في الصف الثاني عشر شرعي) رفيق الشهيد وزميله في السكن والدراسة تحدث لنا باستفاضة عن حياة الشهيد، موضحاً أنه كان مثالا للشاب الملتزم بتعاليم الإسلام العظيم، حيث تربى وترعرع في محاريب الصلاة بالمساجد وعلى موائد القرآن الكريم وجلسات الذكر، حتى بات محفّظا للقرآن الكريم وعلى بعد خطوات من أن يصبح إماماً للمسجد الذي يداوم على الصلاة فيه...

ولفت الطالب فيّاض إلى أن الشهيد "سحويل" لم يكن بالنسبة له صديقا عاديا، بل كان أخاً مع كل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، حيث عاشا وترعرعا سوية في أحد أحياء بيت حانون، وكانا زملاء على مقاعد الدراسة منذ الصف الأول، وحتى الحادي عشر، يذهبان إلى المدرسة سوياً وكذلك يرجعان.. كما كانا متلازمين في المسجد وحلقات القرآن الكريم والذكر ودروس العلم.

فاجعة الرحيل

وبحرقة ومرارة تعتصر القلب قال الطالب فيّاض إن رحيل "أسامة" كان بمثابة صدمة كبيرة له، فمع صباح كل يوم يتجدد الألم حيث أفتقده في الطريق من وإلى المدرسة التي اعتدنا الذهاب إليها سوياً.

وتابع: رغم رحيله إلا أني أشعر بوجوده في كل لحظة خاصة وأنا داخل الفصل الدراسي حيث كان يجلس بجانبي على مدار العام الدراسي المنصرم، فحسبنا الله ونعم الوكيل على الاحتلال الذي فرّقنا عن بعضنا البعض...

أما زميله الطالب محمد ياسر زويدي (في الصف الثاني عشر شرعي) فأشار إلى أن الشهيد "سحويل" كان اجتماعيا ومحبوبا من قبل الجميع، وكان دمث الأخلاق، إلى جانب اجتهاده في تحصيل العلم فقد كان من الأوائل بين زملائه.

وعبّر الطالب زويدي عن عميق حزنه بفقدان زميله "سحويل"، مؤكدا على مواصلة درب العلم الذي يعتبره السلاح الأقوى لمواجهة الاحتلال حتى نتمكن من استعادة أرضنا وحقوقنا.

حديث عن الشهادة

معلمو الشهيد "سحويل" فجعوا هم الآخرين لفقدانه، وقال المعلم ياسر اخروات إن رحيل الطالب أسامة شكل صدمة لجميع من في المدرسة من معلمين وطلبة، حيث كان متميزا بين أقرانه بعلمه وأخلاقه.

وعبّر المعلم اخروات عن عميق حزنه لعدم تمكنه من المشاركة في تشييع جثمانه بسبب الظروف التي رافقت استشهاده خلال الحرب.

أما المعلم وجدي بكر فقد كان لوقع استشهاد طالبه "سحويل" شكل آخر من الحزن والألم، حيث عاشا سويا في مركز الإيواء واللجوء خلال الحرب بمدرسة "أبوحسين" بمخيم جباليا خلال فترة الحرب.

وأوضح أنه كان يلتقي بالشهيد يوميا داخل مركز الإيواء، مشيرا إلى أن آخر لقاء بينهما كان يسأله الشهيد "كم سيكون رقمنا بين الشهداء؟!" وما هي إلا ساعات وحجز "أسامة" مقعده ورقمه بين قافلة الشهداء التي مضت خلال الحرب.

نسيان الشهيد أسامة بالنسبة للمعلم بكر أمر لا يمكن أن يتحقق، فقبل أيام وبينما هو داخل فصل الشهيد، إذ به ينطق باسم الشهيد خلال حديثه لينهار بالبكاء كما كل طلاب الفصل الذين تجددت فيهم الأحزان والدعوات بإزالة هذا الكيان. كما قال.

وقضى خلال الحرب الأخيرة على غزة (7/7-26/8/2014) أكثر من 2200 شهيد نحو ربعهم من الأطفال وطلبة المدارس وأصيب نحو 11 ألف مواطن، وتم تدمير عشرات المدارس ومئات المنشآت الاقتصادية وعشرات آلاف الوحدات السكنية.

المصدر: مديرية التربية و التعليم - شمال غزة

ليست هناك تعليقات