كل ما تود معرفته عن زكاة الفطر


ما هي زكاة الفطر؟

زكاة الفطر أو زكاة الأبدان، هي أحد أنواع الزكاة الواجبة على المسلمين، تدفع قبل صلاة عيد الفطر، قبل انقضاء صوم شهر رمضان. وهى واجبة على كل مسلم وأضيفت الزكاة إلى الفطر لأنه سبب وجوبها. وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال، بمعنى أنها فرضت لتطهير نفوس الصائمين وليس لتطهير الأموال كما في زكاة المال.


على من تجب؟

تجب على كل مسلم يكون لديه ما يزيد عن قوته وقوت عياله وعن حاجاته الأصلية في يوم العيد وليلته، ويلزم المسلم أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وزوجته وعن كل من تلزمه نفقته ويستحب إخراجها عن الجنين الذي أتم أربعين يوماً في بطن أمه أي نُفخت فيه الروح.

ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، ولا مانع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين. وبذلك يعلم أن أول وقت لإخراجها في أصح أقوال العلماء هو ليلة ثمانٍ وعشرين؛ لأن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين.

وتجب على المستطيع، حيث قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ وَعِنْدَهُ قُوتُهُ وَقُوتُ مَنْ يَقُوتُهُ يَوْمَهُ وَمَا يُؤَدِّي بِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَعَنْهُمْ أَدَّاهَا عَنْهُمْ وَعَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا مَا يُؤَدِّي عَنْ بَعْضِهِمْ أَدَّاهَا عَنْ بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلا سِوَى مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ يَقُوتُ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ. 

ويخرج الإنسان عن نفسه وزوجته - وإن كان لها مال - وأولاده الفقراء ووالديه الفقيرين، والبنت التي لم يدخل بها زوجها. فإن كان ولده غنياً لم يجب عليه أن يخرج عنه، ويُخرج الزوج عن مطلقته الرجعية لا الناشز ولا البائن، ولا يلزم الولد إخراج فطرة زوجة أبيه الفقير لأنه لا تجب عليه نفقتها.

والواجب إخراج زكاة الفطر عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والمملوك من المسلمين، أما الحمل فلا يجب إخراجها عنه إجماعاً، ولكن يستحب ؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.

حكمتها ومشروعيتها

والأدلة على وجوب زكاة الفطر كثيرة منها:

* روي عن عبدالله ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في صحيح سنن أبي داود رواه أبو داود و ابن ماجه بسند حسن: ( قال فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ )، حديث صحيح.

قوله "طهرة": أي تطهيراً لنفس من صام رمضان، وقوله "والرفث" قال ابن الأثير: الرفث هنا هو الفحش من كلام، قوله "وطعمة": بضم الطاء وهو الطعام الذي يؤكل. قوله: "من أداها قبل الصلاة": أي قبل صلاة العيد، قوله "فهي زكاة مقبولة": المراد بالزكاة صدقة الفطر، قوله "صدقة من الصدقات": يعني التي يتصدق بها في سائر الأوقات.

* روي عن ابن عمر في صحيح البخاري و مسلم و أصحاب السنن قال: ( فرض رسول الله زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد الحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة )، حديث صحيح. أي: قبل خروج الناس إلى صلاة العيد.

* روي عن أبي سعيد الخدري في صحيح البخاري ومسلم وأصحاب السنن حيث قال: ( كنا نخرج صدقة الفطر صاعاً من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب )، حديث صحيح.

وقيل هي المقصودة بقوله تعالى في سورة الأعْلَى: } قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) {.

* يقول رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي الْعَالِيَةِ في أحكام القرآن سورة الأعلى قالا: ( أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ خَرَجَ إلى الصَّلاةِ )، أي صلاة العيد.

* يقول وعَنْ وَكِيعٍ بْنِ الْجَرَّاحِ في المجموع للنووي: ( زَكَاةُ الْفِطْرِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ كَسَجْدَتِي السَّهْوِ لِلصَّلاةِ، تَجْبُرُ نُقْصَانَ الصَّوْمِ كَمَا يَجْبُرُ السُّجُودُ نُقْصَانَ الصَّلاةِ ).
الإجماع: قال ابن المنذر (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن زكاة الفطر فرض).

وفي ضوء هذه الأدلة فقد توارث المسلمون العمل بوجوبها والاهتمام بفرضيتها منذ عصر النبي محمد وإلى يومنا هذا.

حكمتها

1- طهرة للصائم، قد يقع الصائم في شهر رمضان ببعض المخالفات التي تخدش كمال الصوم من لغو ورفث وصخب وسباب ونظر محرم، فشرع الله عز وجل هذه الصدقة لكي تصلح له ذلك الخلل الذي حصل فيه ليكون صياما تام الأجر ولكي يفرح به فرحا تاما يوم القيامة.

2- تعميم الفرحة في يوم العيد لكل المسلمين والناس حتى لا يبقى أحد يوم العيد محتاجاً إلى القوت والطعام ولذلك قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم - : ( أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم )، وفي رواية ( أغنوهم عن طواف هذا اليوم ) رواه البيهقي والدارقطني، أي إغناء الفقير يوم العيد عن المسألة. ولذلك جاء في حديث ابن عباس ما قال : ( فرض رسول الله صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين ) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، والحديث حسن كما قال النووي.

3- زكاة للنفوس والأبدان، تعد صدقة الفطر زكاة عن الأبدان والنفوس وقربة لله عز وجل عن نفس المسلم، أو زكاة لبدنه، وبعبارة أخرى تعبر عن شكر العبد لله عز وجل على نعمة الحياة والصحة التي انعم الله عز وجل بها على عبده المسلم. لذلك شرعت على الكل بما فيهم الصغير والعبد والصائم والمفطر سواء أكان مفطراً بسبب شرعي أم غير شرعي.

كم مقدارها ؟

مقدار الواجب في زكاة الفطر هو أن يخرج عن الفرد صاعاً من تمر، أو من زبيب، أو صاعاً من قمح أو من شعير أو من أرز، أو صاعاً من أقط (وهو الحليب المجفف)، ونحو ذلك مما يعتبر قوتاً يتقوت به، بما يناسب الحال، وبحسب غالب قوت البلد، أي: أنه يخرج من القوت المتوفر في البلد، وينبغي مراعاة حال المستفيد (أي: الذي تدفع إليه الزكاة).

هي صاع باتفاق المسلمين والصاع قريب أربع حفنات بيدي إنسان معتدلة، وهو يساوي أربعة أمداد، وقدر المد حفنة (أي: غرفة) بيدي إنسان معتدلة، ويقدر الصاع قرابة 3 كغ تقريباً، أي: أن مقدار الصاع ينقص عن 3 كلجم، بنسب متفاوتة؛ لتفاوت التقديرات، لكن التقدير بالوزن تقريبي، والأصل في مقدار زكاة الفطر، كيلا بالصاع. وهذا المقدار يؤدى من الحنطة أو التمر أو الزبيب أو الرز أو الطحين أو الشعير ويجوز إخراج قيمة ذلك نقداً وهذا مذهب الحسن البصري وعطاء وعمر بن عبد العزيز وسفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه والجعفرية وهو مذهبٌ مرويٌ عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل – ما - في أخذهما العروض بدل الحبوب في الزكاة.

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ ) .

وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر (أي: القمح)، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أيا كان، سواء كان برا أو ذرة أو دخنا أو غير ذلك. وهذا هو الصواب ؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. ولا شك أن الأرز قوت في بلاد الحرمين وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه. وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر.

والواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، كما في القاموس وغيره، وهو بالوزن يقارب ثلاثة كيلو غرام. فإذا أخرج المسلم صاعاً من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه ذلك، وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء. ولا بأس أن يخرج مقداره بالوزن وهو ثلاثة كيلو تقريبا.

ومصرفها الفقراء والمساكين. وقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قَالَ : ( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ ) . رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.

هل يمكن دفعها نقداً؟

وبالنسبة لجواز اخرجها نقدا فهناك ثلاثة أقوال: 

1- القول الأول: أنه لا يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.

2- القول الثاني: أنه يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب الحنفية، ووجه في مذهب الشافعي، ورواية في مذهب أحمد.

3- القول الثالث: أنه يجوز إخراجها نقداً إذا اقتضت ذلك حاجة أو مصلحة، وهذا قول في مذهب الإمام أحمد، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

وقد استدل كل فريق من هؤلاء بأدلة فأما من منع إخراج زكاة الفطر نقداً فاستدل بظاهر الأحاديث التي فيها الأمر بإخراج زكاة الفطر من الطعام.

وقت وجوب إخراج زكاة الفطر:

زكاة الفطر تجب بالفطر من رمضان بالاتفاق، واختلفوا في تحديد وقت الوجوب، فقال الشافعي وأحمد ومالك في رواية عنه: تجب بغروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان، وقال مالك في إحدى الروايتين عنه وأبو حنيفة: تجب بطلوع الفجر من يوم العيد. 

أما وقت الإخراج فهو قبل صلاة العيد؛ لما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة. 
واختلفوا في تعجيلها عن وقتها، فمنع منه ابن حزم وقال: لا يجوز تقديمها قبل وقتها أصلاً. 

وقال بعض المالكية و الحنابلة قبل العيد بثلاثة أيام، قال مالك: أخبرني نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.

وذهب مالك وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يجوز تقديمها يوماً أو يومين، وذهب الشافعي إلى أنه يجوز إخراجها أول رمضان، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجوز إخراجها قبل رمضان، والراجح ما ذهب إليه مالك وأحمد من جواز إخراجها قبل الفطر بيوم أو يومين، أي اعتباراً من الثامن والعشرين من رمضان، ولا يجوز أكثر من ذلك، لما رواه البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ( وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومي ) . فقوله "كانوا": أي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم أولى.

ليست هناك تعليقات