اكتشاف بروتين ينقل التيار الكهربائي، والعلماء متحيّرون في طبيعته



بروتينات كهربائيَّة

يُنظر للبروتينات عادةً على أنَّها مواد عضوية خاملة تشكّل حجر الأساس لكل خليَّة حية. ورصد العلماء مؤخَّرًا نوعًا معيَّنًا من البروتينات ينقل التيَّار الكهربائي.

إذا صحَّت النتائج وتمكَّن الباحثون من تكرارها، فسنكتشف وسيلة تشخيص طبّية تستطيع التعرُّف على جزئيات البروتينات المفردة بمجرَّد إرسالها إشارة كهربائية صغيرة.

وخلال أربعة أعوام منذ بدأت الدراسة الأوَّلية، فحص فريق جامعة ولاية أريزونا نتائج عملهم وتأكَّدوا من صحَّتها واختبروها أمام عدَّة فرضيَّات وتبريرات علميَّة أخرى، ليصلوا في نهاية المطاف إلى استنتاج أنّه يوجد فعلًا بروتين ناقل للتيَّار الكهربائي.

وقال ستوارت لندساي الباحث الرئيس في الدراسة «إذا صحَّت النتائج فستكون أخبارًا رائعة. تختبر هذه الدراسة حقيقةً كلَّ التبريرات الأخرى والفرضيَّات التي تحاول تفسير نتائجنا، إضافةً إلى استبعاد البيانات الخاطئة.»

وبدأت القصَّة عندما طوَّر لندساي وفريقه قارئات للأحماض الأمينية والأحماض النووية الريبوزية منقوصة الأكسجين «الدنا.» تحجز هذه القارئات جزيئات مفردة بين الأقطاب، وتُعرَف هذه التقنية بنفق التعرُّف.

وارتقى الباحثون درجةً أعلى في سلَّم الابتكار بعد رؤية علامات النجاح عند اختبار المشروع على جزيئات مفردة، وتساءلوا إن كانت هذه النبضات الكهربائية تستطيع التعرُّف على بروتينات كاملة.

ووجد العلماء أنَّ بروتينات صمغيَّة القوام كالإنتجرين ألفا في بيتا3 يعلق بين الأقطاب، وأظهرت النتائج أنَّ ذلك يعني ناقليَّةً عالية للتيار الكهربائي.

حاول الفريق منذ ذلك الوقت تفسير هذه الظاهرة بطريقة تقليدية كانتقال الإلكترونات أو قفزها بين الذرَّات. لكنَّ كل التفسيرات باءت بالفشل.

ثم التقى لندساي بعالم الفيزياء الحيوية النظرية جابور فاتي من جامعة يوتفوس لورند في هنغاريا، بعد أن اقترح فكرةً تعتمد على الميكانيكا الكمّية وتفسّر الظاهرة بأنَّ البروتينات تتمتَّع بصفات كمّية خاصَّة بين توصيل الكهرباء وعزلها.

ويمكن للتذبذب الكهربائي أن يدفع بالبروتين إلى حالة موصّلة للكهرباء أو حالة عازلة وفقًا لما قال فاتي، ويبدو ذلك شبيها بما قاله لندساي وزملاؤه في البحث.

وقال لندساي «كنَّا نرى هذا السلوك الغريب لهذا البروتين الناقل للكهرباء أثناء تجربتنا. ولا نظنُّ أنَّ التيار المنقول من النوع الثابت، بل المتناوب. وعلى الرغم من تحيُّزنا لإيجابية النتائج، تظلُّ البروتينات عازلة للكهرباء، لكنَّ قليلا من تبدُّل التيار الكهربائي يحدث الفرق.»

طريقة جديدة لفهم البروتينات

تكمن الفكرة في وجود ثلاثة منحنيات في توزُّع مستوى الطاقة للبروتينات: أحدها يتعلُّق بالمواد المعدنية والموصّلة للكهرباء، والآخر لعزل الكهرباء، والمنحنى الثالث يصف حالة كمومية بين الخيارين.

وبمساعدة فاتي وبعض أدوات الحاسوب استطاع الفريق ربط بروتين ألفا في بيتا3 لحالة تتعلَّق بالرعاية الحرجة.

وفي تجارب أخرى هيّأت محيطها أكثر، استطاع العلماء إنتاج جهاز يتحكَّم بناقلية الكهرباء لدى البروتين بين تفعيلها وتعطيلها.

ويتحفَّظ معظم العلماء المشاكرين في الدراسة على معلوماتها ونتائجها، إذ ما زالوا في مراحلهم الأولى وما زال أمامهم الكثير ليعرفونه عن أسباب هذا السلوك في البروتينات. ويأمل العلماء أن يحمل المستقبل لهم مزيدًا من الإجابات.

يبدو أنَّنا سننظر إلى البروتينات من زاوية جديدة تمامًا، وسيركّز العلماء على دراسة إمكانية استخدام هذه البروتينات في أجهزة نانوية، أو الاستفادة منها في ضبط العلاج الطبي.

وقال لندساي «اختبرنا كلَّ الفرضيَّات التي قد تنفي نتائج الدراسة، لكنَّنا ما زلنا نرى هذا السلوك من ناقلية البروتينات للكهرباء. ما زالت هنا وما زالت رائعة كأوَّل مرة.»

ليست هناك تعليقات