مراهقٌ مبرمج عبقري من فلسطين يطور 20 لعبة



لازم بلال شاهين ذو الخمسة عشر عامًا جهاز الحاسوب في قطاع غزة المحاصر منذ خمسة أعوام، إذ طالما استهواه ما تتضمنه تلك الآلة الرائعة، فاعتاد قضاء ساعات في لعب ألعاب الحاسوب، ما أثار فضوله لمعرفة كيفية عملها، وبدأ بتعلم صنع ألعابٍ الفيديو الخاصةٍ به في عمر الحادية عشر، من خلال مشاهدة المقاطع على موقع يوتيوب، وقراءة المقالاتٍ عبر الإنترنت، وقال بلال «لم يساعدني أحد على الإطلاق، إذ كنت بمفردي أحاول تعلم أدق تفاصيل البرمجة» وبدأ بلال في صنع نماذج أولية لألعابه، ودأب على تعديل برمجة الألعاب وإدخال التحسينات اعتمادًا على منصة تعديل الشفرات «فيجوال ستوديو كود» التابعة لشركة مايكروسوفت.

طور بلال 20 لعبة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وكانت إحداها لعبة «فلابي أتاك كراش» والمتوفرة على متجر جوجل، ويتطلب المتجر دفع رسوم تعادل 30 دولار لإدخال اللعبة إلى المتجر، فأصر توفيق عفانة؛ مدرس بلال على دفع تلك الرسوم إيمانًا بطالبه وتشجيعًا له، وشجعه على المشاركة في المسابقة التقنية في غزة في العام 2016، وشارك بالمسابقة وعرض جميع ألعابه وحصل على المركز الأول.

داعمو بلال


على الرغم من الظروف الصعبة التي اضطرت عائلته للتكيف معها، لم يمنعها ذلك من أن تكون الداعمة الأولى لبلال، إذ قالت والدته سميحة شاهين «أرى بلال كصانع ألعاب حاسوبٍ في المستقبل، ودائمًا ما يخبرني ابني عن حلمه بامتلاكه شركة لتصنيع ألعاب الحاسوب.» ويحثه والديه على السفر للخارج لاستكمال دراسته وتطوير مهاراته، ويأمل الوالدين أن يمتلك بلال الفرصة يومًا للعمل في واحدةٍ من أكبر شركات ألعاب الحاسوب.

وقال والده عرفة شاهين «لدينا الكثير من العوائق في غزة، ولكني أعتقد أن بلال سيتمكن من تحقيق حلمه مهما كانت الظروف» وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه جميع الشباب الحصول على فرص أكاديمية في الخارج أو فرص عملٍ نظرًا للحصار المستمر والبطالة، يأمل بلال أن يحصّل منحة دراسية في معهد ماساتشوستس للتقنية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن إن لم يستطع مغادرة القطاع، فإنه قد يلجأ لخطة بديلة ويدرس الطب في غزة، وذلك دون الانقطاع عن متابعة برمجة الحاسوب على سبيل الهواية.

وتعد دراسة الطب أمرًا تقليديًا لأصحاب الدرجات العالية في غزة لأنه يمثل مجالًا واعدًا في القطاع، ويتيح فرص عمل مجزيةٍ أكثر من فرص عمل مبرمجي الحاسوب، وأضاف بلال «لم يتطور مجال دراسة البرمجة في القطاع بعد، فجل ما يدرسونه هو أساسيات البرمجة.»

لا كهرباء لا استسلام

ذكر بلال أن العائق الأساسي الذي واجهه منذ أن بدأ في دراسة برمجة الحاسوب كان انقطاع الكهرباء، إذ عانت غزة من أزمة الكهرباء لعدة أعوام، وعلاوة على ذلك فإن الوضع ازداد تدهورًا خلال هذا العام، إذ يعيش مليوني مواطن حاليًا في الظلام لقرابة العشرين ساعة يوميًا، ولطالما شعر بلال بالإحباط لفقدانه بيانات عمله بسبب الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي، واستمر على هذه الحال إلى أن اشترى له والداه حاسوبًا محمولًا ومولدًا لتيسير وصول ابنه إلى الإنترنت دون انقطاع مفاجئ، ومن غير الممكن الاتكال على المولد دائمًا نظرًا للتكلفة الباهظة للوقود.


يزور بلال مركزًا تقنيًا في غزة يدعى «غزة سكاي جييكز – جي إس جي» لتطوير مهاراته وتحسينها، ويعد المركز التقني الأول في غزة، وتديره مؤسسة «ميرسي كوربس» الأمريكية غير الربحية، ويوفر المركز تعليمًا مجانيًا للبرمجة، وبيئةٌ حيوية لرواد الأعمال والمبرمجين والمصممين والأهم من ذلك هو امتلاكه لمولدٍ يوفر ساعات عمل أطول دون انقطاع الكهرباء، وجودة أفضل للإنترنت.

أطلقت الشركة الناشئة «باسكليت» في العام 2016 برعاية من مركز «جي إس جي» وهي الآن واحدةٍ من أبرز الشركات الناشئة في مجال ألعاب الهاتف في غزة، ويعيش مؤسس «باسكليت» محمد المدهون في الحي ذاته الذي يقطنه بلال. وأبدى محمد اهتمامه بمهارات بلال في البرمجة، ودعاه للتدرب في شركته، ففوجئ الجميع بما يمتلكه بلال من مهارات في البرمجة، وقال محمد بأنه يحاول دائمًا تحدي بلال لتطوير مهاراته.

ليست هناك تعليقات