اكتشاف شكل جديد من الضوء


وصف علماء الفيزياء شكلاً من الضوء لم يسبق له مثيل، يُنتج بواسطة تقييد الفوتونات (أو جسيمات الضوء) إلى إلكتروناتٍ منفردة. 


لا يشير الاكتشاف إلى الطرق الأسهل لبناء الحواسيب الكمومية المستقبلية وحسب، بل يشير أيضاً إلى إمكانية دمج خصائص كل من الفوتونات والإلكترونات في جسيم "فرانكشتاين" واحد. 

ويقول أحد أعضاء الفريق واسمه فينتشنزو جيانيني Vincenzo Giannini من الكلية الملكية في لندن في المملكة المتحدة: "سيكون لنتائج البحث تأثيراً كبيراً على الطريقة التي نتصور فيها الضوء". 

ومن غير المعتاد أن تقترب الفوتونات من الإلكترونات. في المواد الطبيعية، تتفاعل الفوتونات مع مجموعةٍ كاملةٍ منها على سطحها وداخل بنيتها الجزيئي، لكن جيانيني وزملاءه أرادوا التحقق مما سيحدث إذا أمكن تقييد الفوتونات مع إلكترونٍ واحدٍ فقط. 

وباستخدام نوعٍ من المواد اكتُشف مؤخراً يدعى العوازل الطبوغرافية topological insulators، عمل الباحثون على محاكاة سلوك الضوء أثناء وميضه عبر السطح، وقد وجدوا أن الأمر لا يقتصر فقط على تفاعل الفوتونات مع إلكترون واحد من هذه المواد، وإنما كانت النتيجة الجمع فعلياً بين خصائصهما. 

تعد العوازل الطبوغرافية المكتشفة عام 2007، نوعاً فريداً من المادة لا توصل التيار الكهربائي خلال معظم بنيتها، لكن ستحمله عبر سطحها كما يصف العالم الذي يشرح الأمر في الفيديو المفيد أدناه. 

وضع علماء الفيزياء في المملكة المتحدة نموذجاً لجسيم نانوي (nanoparticle) منفرد - وهو عبارة عن كرة صغيرة يبلغ قطرها 0.00001 ميليمتر- مصنوعة من عازل طبوغرافي، وسمح لهم ذلك بمحاكاة ما الذي يمكن أن يحصل لومضة أشعة منبعثة عبر جسيم نانوي (أي متناهي الصغر) واصطدامها مع إلكترونه. 



وبالطبع، يمكنك أن ترى كيف يبدو النموذج كما في الصورة في أعلى الصفحة، والذي يوضح الضوء المحاصر على سطح جسيم نانوي لعازل طبوغرافي. ويكمن الأمر المميز حول حقيقة أن الجسيم الناتج يجمع خصائص كل من الفوتونات والإلكترونات، في أن ذلك سيغير من طريقة تحرك الجسيم عبر سطح المادة.

 وأوضح جوزيف دوسولت Joseph Dussault لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور قائلاً: "يتحرك الضوء عادةً بشكلٍ مستقيم، لكنه عند توجهه نحو إلكترونٍ واحد، فإن بوسعه أن يتبع مسار الإلكترون على طول سطح المادة. وفي حين تتوقف الإلكترونات عادةً عندما تواجه موصلاً رديئاً، فإن إضافة الفوتون ستسمح للجسيم المزدوج بمواصلة التحرك". 

وبطبيعة الحال، يمكن أن تكون السيطرة على حركة الفوتونات ذات تأثير كبير على السباق نحو بناء أول حاسوب كمومي تطبيقي في العالم، وتتكون المعالجات الكمومية من الكيوبات qubits -والتي يمكن أن تكون 1، 0 أو كلاهما في نفس الوقت- وهي حالة تعرف باسم التراكب (superposition). 

ولكن المشكلة في مراقبة التراكب، تتمثل في أن على الفيزيائيين العمل مع الجزيئات فائقة التبريد (supercooled molecules)، والتي تصل درجة حرارتها إلى جزءٍ من درجة الصفر المطلق، وهذا الأمر بالطبع مكلف ويصعب إنجازه.

ولكن بوسع الاقتران بين الفوتون والإلكترون أن يسمح للباحثين بمراقبة هذه السلوكيات في النطاق المرئي وضمن درجة حرارة الغرفة، وذلك حسب تفسير جيانيني لـ دوسولت.

وينبغي على الفريق الآن أن يقوم بعمل نموذجه النظري وإثباته بشكلٍ حقيقيٍّ في المختبر، وقد عملوا من أجل هذه الغاية على تجنيد بعض علماء الفيزياء التجريبيين للاطلاع بهذه المهمة. 

باختصار

يحمل النوع الجديد من الضوء خصائص كلا الجسيمين، أي الإلكترون والفوتون.

فوائد متعددة

يعتبر ابتكار (أو بالأحرى، اكتشاف) هذا الشكل الجديد من الضوء مهماً لأسباب متعددة. أهمها أن الشكل الناتج يحمل أفضل ما في كلا الجسيمين.

تتوقف الإلكترونات العادية ولا تستطيع أن تكمل حركتها عند وجود عيوب في السطح الذي تتحرك عليه، ولكن هذا الاقتران الجديد يسمح للإلكترونات أن تتجاوز هذه العوائق وتكمل طريقها، مما يعني إمكانية الحصول على دارات إلكترونية ذات مشاكل أقل.

ما يزال البحث حالياً مقتصراً على النماذج، غير أن قائد البحث، الدكتور فينشينزو جيانيني، يعتقد أنه يمكن كشف هذه التفاعلات بالتقنيات الحالية. كما يعتقد أن عملية الحصول على هذه الجسيمات يمكن تضخيمها لمراقبة أفضل.

ليست هناك تعليقات