حل لغز كبير من ألغاز ميكانيكا الكم!


تمكن فريق دولي من العلماء الذين يدرسون الفيزياء فائقة السرعة من حل أحد ألغاز ميكانيكا الكم، ووجدوا أن مفعول النفق الكمي (quantum tunneling) عبارة عن عملية لحظية. وقد تقود هذه النظرية الجديدة إلى الحصول على مكونات إلكترونية أصغر وأكثر سرعة، حيث يلعب النفق الكمي دوراً رئيسياً فيها. وإضافة إلى ذلك، فإنّ هذه النظرية ستساهم في الوصول إلى فهمٍ أفضل للعديد من المجالات المتنوعة مثل المجاهر الإلكترونية، والاندماج النووي (nuclear fusion)، وطفرات الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (DNA).


يقول أحد أعضاء الفريق وهو البروفسور أناتولي كايفتس Anatoli Kheifets من الجامعة الأسترالية الوطنية (ANU): "لم يجرِ استكشاف هذه المقاييس الزمنية في السابق أبداً، إنه عالمٌ جديد بالكامل". ويُضيف قائلاً: "أجرينا عملية نمذجة لأكثر العمليات حساسية في الطبيعة بدقةٍ عالية جدا".

تُبين ميكانيكا الكم، عند الأحجام الصغيرة جداً، أنّ لدى جسيمات مثل الإلكترونات خواص موجية، والمواقع الدقيقة لها غير محددة. ويعني ذلك أن بإمكانها أحيانا التسلل عبر حواجز تبدو غير قابلة للاختراق، وهي ظاهرة تُعرف بالنفق الكمي. يلعب النفق الكمي دوراً رئيسياً في عدد من الظواهر مثل الاندماج النووي داخل الشمس، والمسح المجهري النفقي، والذواكر الوميضية في الحواسيب. وعلى أية حال، فإنّ تسرب الجسيمات يحدّ من عملية تصغير المكونات الإلكترونية بشكلٍ أكبر.

درس البروفسور كايفتس والدكتور إيغور إيفانوف Igor Ivanov من مدرسة أبحاث الفيزياء والهندسة في ANU تجارب فائقة السرعة وتجري عند رتبة الآتوثانية (attosecond) -أي 10-18 ثانية- وهو مجال علمي تطور في الأعوام الخمسة عشر الماضية. ظلّت العديد من ظواهر الآتوثانية عصيةً على التفسير بشكلٍ سليم حتى مجيء هذا العمل، ويشمل ذلك التأخر الزمني عندما يؤيِّن فوتون ما الذرة.

يقول الدكتور كايفتس: "سرى اعتقاد بأنه عند مقياس الزمن ذاك يُؤخذ الإلكترون إلى خارج الذرة عبر نفق كمي، لكنّ الرياضيات تنصّ على أن الزمن أثناء ظاهرة النفق الكمي هو زمنٌ تخيّلي -عدد عقدي- وهو ما يعني أن تلك العملية لحظية". ويُردف الدكتور إيفانوف الذي احتل مؤخراً منصباً في مركز علوم الليزر والنسبية في كوريا: "تظهر إلى حيّز العلن مفارقة مثيرة جداً؛ لأن سرعة الإلكترون أثناء ظاهرة النفق الكمي قد تكون أكبر من سرعة الضوء، ومع هذا فذلك لا يتناقض مع نظرية النسبية الخاصة؛ لأنّ زمن ظاهرة النفق الكمي تخيّلي أيضاً".

كشفت حسابات الفريق، التي تمت باستخدام الحاسوب الفائق رايجين (Raijin)، أن التأخر الحاصل في التأين الضوئي (photoionisation) لا ينجم عن النفق الكمي، وإنما عن الحقل الكهربائي المرافق للنواة التي تجذب الإلكترون الهارب. ووفقاً لكايفتس تُعطي النتائج معايرةً دقيقة للأبحاث المستقبلية من رتبة الآتوثانية، ويُعلق كايفتس على الأمر قائلاً: "إنها نقطة مرجعية جيدة للتجارب المستقبلية مثل دراسة تفكك ترابط البروتينات (proteins unfolding)، أو تسريع الإلكترونات في الرقاقات الميكروية (microchips)".

ملحوظة:

quantum tunneling ( النفق الكمومي): يُشير هذا المصطلح إلى ظاهرة كمومية يُمكن من خلالها للجسيمات عبور حاجز لا يُمكنها عبوره في الفيزياء الكلاسيكية.

ليست هناك تعليقات