قصة نجاح: أهدت نجاحها لروح والدها الشهيد ... المتفوقة آمنة وافي عسلية: الجد والمثابرة.. عنوان المرحلة


.: العلاقات العامة - شمال غزة :.

"ها أنا اليوم يا أبتي، أحنُّ مجددا إلى حضنك الذي افتقدته طيلة ستة عشر عاماً، من الغياب القسري والأبدي، وآه لو تعلم حجم اللوعة التي تعتصر قلبي وأنا أرى الفتيات وهنّ يرتمين في حضن آبائهن في مثل هذه اللحظات لتشاركني فرحة النجاح"...

بهذه الكلمات حدّثت الطالبة المتفوقة "آمنة وافي عسلية" نفسها، وهي تتلقى نبأ تفوقها في الثانوية العامة وحصولها على معدل 98.1% في الفرع الأدبي، بعد أن عادت بها الذاكرة إلى الوراء ستة عشر عاماً حيث الرحيل المفجع لوالدها الشهيد "وافي عسلية" بتاريخ 4/10/2004م، إثر استهدافه بصاروخ من طائرة "إسرائيلية" وهو يتصدى لقوات الاحتلال في معركة "أيام الغضب" التي درات رحاها على أرض مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

عامان ليس أكثر، عاشتهما الطالبة "آمنة"، في حضن والدها قبل أن يرتحل تاركاً خلفه خمسة من الأبناء جميعهم من المتفوقين في حياتهم الدراسية.

ومنذ ذلك الحين، باتت "آمنة" وإخوتها في رعاية والدتهم التي قالت إنها "عاهدت الله عز وجل ومن ثمّ زوجها الشهيد، أن تحفظ الوصية.. وأن تؤدي الأمانة.. لتصل بأبنائها إلى برّ الأمان، ليتمكنوا من مواجهة نوائب الدهر، والصمود في مواجهة التحديات التي تعصف بهم"، فكانت "خديجة" التي حصلت على معدل (80%) في الثانوية العامة لتلحق بكلية الآداب (لغة إنجليزية)، و"أميرة" التي درست تخصص آثار- تاريخ، بعد أن حصلت على معدل (97.7%) في الثانوية العامة، و"إبراهيم" الذي حصل على معدل (89.9%) ليدرس هندسة الحاسوب، و"آمنة" التي قررت دراسة تكنولوجيا المعلومات بعد أن حصلت على معدل (98.1%) في الثانوية العامة هذا العام، فيما سيلتحق آخر الأبناء بالثانوية العامة في العام الدراسي المرتقب.

"آمنة" التي طوت قلبها على الإيمان بالله عز وجل، وحفظ عشرين جزءاً من كتابه الخالد، آمنت منذ نعومة أظفارها بأهمية العلم، ودوره في بناء الإنسان، وتشييد وتحرير الأوطان، ووفاءً لوالدها "وافي" واصلت الليل بالنهار؛ لتحقيق طموحها، وعيناها ترنوان إلى القمة، ولسان حالها يقول: من لا يحب صعود الجبال.. يعِش أبد الدهر بين الحفر! فكان الحصاد شهداً "عسلياً" ولا أصفى!

عناوين المرحلة

جدٌّ واجتهاد، صمودٌ ومثابرة، كانت تلك عناوين المرحلة بالنسبة لـ"آمنة" التي رفعتها منذ بداية الثانوية العامة؛ لتثبت للجميع أن أبناء الشهداء ورغم مرارة الألم الذي تجرعوه -ولا زالوا- بغياب آبائهم، إلا أنهم قادرون على التفوق وتحقيق الذات، ومواصلة الحياة، بل وإعمارها، بعلمهم وفكرهم وجهدهم... 

وأضافت "آمنة": على الرغم من أنني عشت الحرمان، واليتم، بكل معانيه، إلا أن وجود أمي وأخوتي وأعمامي وأقربائي ومعلماتي بجانبي، شكّل بالنسبة دافعا مهما لمواصلة النجاح وتحقيق الإنجازات".

وأكدت المتفوقة آمنة، أن فرحة النجاح بالنسبة لأبناء الشهداء، لها طعم آخر، كونها فرحة اُشتقّت من بين مرارة الفقد، ووجع الحرمان.

وعن كيفية تحقيق هذا الإنجاز، قالت "آمنة" التي درست الثانوية العامة في مدرسة الفالوجا الثانوية للبنات، بمديرية التربية والتعليم في شمال غزة، "كنت أنظم وقتي بشكل جيد دون إهدار فيما لا ينفع، وكنت على يقين تام بقوله تعالى: "إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا"، لذلك اجتهدت وسهرت وتعبت دون كلل أو ملل لأصل إلى ما وصلت إليه".

وأوصت الطلبة بعدم الركون إلى اليأس، وعوامل الإحباط، التي تلف بنا من كل حدب وصوب، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها شعبنا بفعل الاحتلال وسياساته العدوانية من قتلٍ وحرمانٍ وتشريدٍ وحصار...

وأهدت "آمنة" تفوقها لروح والدها الشهيد الذي كانت تستمد من سيرته العطرة، العزيمة والإصرار، ولوالدتها التي أعطت وما بخلت.. ضحّت وما منّت، ولمعلماتها اللواتي زرعن العلم بحُب، فكان الحصاد تفوقاً وامتيازاً!






ليست هناك تعليقات