فضل شهر ذي الحجة


الأيام العشر الأُوَل من ذي الحجّة 

لقد يسرّ الله تعالى لعباده أن يؤدّوا العبادات والأعمال الصّالحة بين الوقت والآخر، فطبيعة النّفس البشريّة تحتاج إلى أن تقوم باستحضار ما يعينها على طاعة الله تعالى بين الحين والآخر، وجعل الله تعال للنّاس من رحمته بهم أيّاماً وأشهراً يمكن أن يؤدّوا فيها الأعمال الصّالحة وتكون أجورهم مضاعفة، وما كلّ ذلك إلّا رحمةً بعباده وتيسيراً عليهم، ومن هذه الأيّام: أيّام شهر رمضان المبارك، والأيّام الأُوَل من شهر ذي الحجّة، وليلة القدر، ويوم الجمعة وغيرها من الأيّام، والأيّام الأُوَل من شهر ذي الحجّة لها فضائل وبركاتٌ كثيرة.

فضل الأيام العشر الأُوَل من ذي الحِجّة


إنّ أحبّ الأيّام عند الله تعالى العشر الأُوَل من ذي الحجّة، فهي أيّام مباركة، والعمل فيها عظيم وأجره عظيم، فعلى العبد أن يجتهد فيها طلباً للأجر والثّواب، ولهذه الأيام فضائل وبركاتٌ عديدة، ومن هذه الفضائل والبركات ما يأتي:

    • أقسم الله تعالى بها في القرآن الكريم، والله تعالى إن أقسم بشيءٍ فهذا يدلّ على عظمه عند الله تعالى، قال تعالى:(وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ).

    • ذهب جمهور العلماء إلى أنّ الأيّام المعلومات الّتي ورد ذكرها في القرآن الكريم هي العشر الأُوَل من ذي الحجّة، ومنهم: ابن عمر، وابن عباس. 

    • احتواء هذه الأياّم على يوم عرفة، ولهذا اليوم فضائل كثيرة، ففيه تغفر الذنوب وتعتق الرقاب من النيران. 

    • شهادة الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على أنّها من أفضل الأيّام في الدّنيا. 

    • وجود يوم النّحر فيها وهو من أعظم أيام العام عند بعض العلماء. 

    • أنّ في الأيّام العشر من ذي الحجّة يقوم المسلم بأداء الأعمال الصّالحة من صيامٍ وزكاةٍ وصلاةٍ وحجٍّ لمن أذن له ربّه، وهذا يدلّ على أنّ أمّهات العبادات تجتمع فيها. 

    • صيام العبد فيها وأداؤه للأعمال الصّالحة أفضل من الجهاد في سبيل الله، والعمل الصّالح فيها أحبّ إلى الله تعالى من العمل الصّالح في باقي أيّام السّنة. 

    • احتواء هذه الأيّام على الرّكن الخامس من أركان الإسلام وهو حجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. 

أعمال مستحبّة في العشر من ذي الحجّة

كي ينال المسلم الأجر والثّواب الّذي أعدّ في أيّام ذي الحجّة فعليه أن يكون على قدرٍ من الاستعداد والتّجهيز لاستقبال هذه الأيّام، فعليه فعل الأعمال الصّالحة والمداومة عليها ومن هذه الأعمال المستحبّ فعلها في الأياّم العشر من ذي الحجة ما يأتي:

    • التوبة إلى الله تعالى: على العبد أن يرجع دائماً إلى الله تعالى ويتوب تّوبةً صادقةً، فالله تعالى يقبل التوبة من عباده، إن أظهر العبد ندمه على ما فعل في الماضي، وعقد العزم على ألّا يعود إلى فعل المعاصي مرّةً أخرى وما لا يحبّه الله تعالى، ويثبت على الامتثال لأوامر الله تعالى وما يحبّ من الأعمال الصالحة، حيث قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

    • الصيام: فقد حرص الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على صيام الأيّام العشر من ذي الحجّة، فعلى العبد أن يحرص على صيامها اقتداءً بالرّسول، ويخصّ صيام يوم عرفة، فهو يوم عتق الرقاب من النار، وإجابة دعاء وطلب العباد، ومغفرة الذنوب والمعاصي. 

    • الإكثار من ذكر الله تعالى: إنّ الأيّام العشر من ذي الحجّة أيّام عظيمة عند الله تعالى، ويحبّ الله تعالى من العبد أن يكثر فيها من الأعمال الصّالحة، وأن يكثر من ذكر الله تعالى ومن التّهليل والتّكبير والتّحميد، قال تعالى:(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ).

    • ذبح الأضحية: يسنّ للمسلم في أيّام ذي الحجة المباركة أن ينوي ذبح الأضحية، فيعقد نيّته ويلتزم بسنن ذبح الأضحية، فمن نوى أن يذبح الأضحية في هذه الأيّام فلا يحلق شعره ولا يقلّم أظافره حيث إنّ ذلك من الأمور المكروهة لمن أراد ذبح الأضحية.
    • إخراج الصدقات: على المسلم أن يخرج الصّدقات بنوعيها الماديّة والمعنويّة يبتغي بها وجه الله تعالى، ورغبةً في كسب الأجر والثّواب، ولإخراج الصّدقات فوائد عديدة، كتحقيق التّكافل الاجتماعيّ بين أفراد المجتمع المسلم، فيشعر المسلمون ببعضهم البعض. 

    • أداء الأعمال الصّالحة: على المسلم أن يتقرّب إلى الله تعالى في أيّام ذي الحجة بالأعمال الصالحة، لأنّ الله تعالى يحبّها، مما يجعل أجرها وثوابها عظيمين، فالمسلم الذي لم يأذن الله تعالى له بأداء فريضة الحجّ يجب أن يحرص على اغتنام أوقاته بالعمل الصالح، كالصلاة وقراءة القرآن وذكر الله وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرها من الأعمال الصّالحة.

الوسائل المعينة لكسب أيام ذي الحجّة

توجد العديد من الوسائل التي تعين العبد المسلم على كسب أجر الأيّام العشر الأُوَل من شهر ذي الحجّة، وفيما يأتي بيان البعض منها:

    • أن يعلم أنّ وقتها قصير، وأنّ اغتنام كلّ ساعةٍ فيها يحصل به الإنسان الأجر والثّواب. 

    • أن يعلم المسلم البركات والفضائل الموجودة فيها. 

    • أن يستحضر عظم فضل فعل الأعمال الصّالحة فيها. 

    • أن يقوّي نفسه ويشحذ همته ويجاهد نفسه. 

    • أن يعلم أنّها فرصةٌ عظيمةٌ للتقرّب إلى الله تعالى بما يحبّ من صيامٍ وذكرٍ وختمٍ للقرآن الكريم. 

    • أن يراجع نفسه ويبادر بالتّوبة إلى الله تعالى. 

    • أن يلجأ إلى الله تعالى بالدّعاء بصدق النية.

العبادات المُستحبّة

    • أداء مناسك العمرة والحج. 

    • الصِيام، يُسنُ للمسلم أن يصوم الأيام التِسع الأولى من ذي الحجة، وقد خص النبي صلَى الله عليه وسلم يوم عرفة بالصيام من بين هذه الأيام. 

    • الإكثار من الصَلاة، وذلك بأداء من النوافل؛ لجبر النقص في الفرائض، وكسب رضا الله تعالى ومحبَته، ورفع درجات العبد وزيادة حسناته، والحرص على قيام الليل.

    • التكبير، والتهليل، والتحميد، والإكثار من ذكر الله تعالى والدُعاء خاصّة في يوم عرفة؛ طمعاً بالاستجابة، واغتناماً لفضل هذه الأيام المباركة، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من الاستغفار. 

    • الصدقة، وهي التي تُكسب العبد الأجر والثواب من الله تعالى، وتقرّبه إليه، لما فيها من إحسان وبذل وعطاء للآخرين. 

    • برُّ الوالدين، وصلة الرحم، وغير ذلك من الأعمال الصَالحة. 

    • ذبح الأضاحي تقرباً لله عزّ وجل وذلك في يوم النحر، أو في أيام التشريق.

مكانة الصيام وثوابه

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ ‏‏قال الله عز وجل‏:‏ (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إِلَّا الصِّيَامَ، هو لي وَأَنَا أَجْزِي به فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).‏ [مسلم/ صحيح]

للصيام مكانة عظيمة في ديننا الحنيف، فهو الركن الرابع من أركان الإسلام، وقد فرض الله تعالى صيام شهر رمضان المبارك، والذي فيه ليلة القدر، ليلةٌ خير من ألف شهر، ففي الصيام يترك العبد جميع شهواته امتثالاً لأمر الله عز وجل، وربما تحمل المشقة والعناء خاصة في أيام الصيف الحار، وثواب الصيام لا يعلمه إلا الله، وكما تقدّم في الحديث الشريف كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فهو لله سبحانه وتعالى، وهو يجزي به، وفضل العظيم عظيم لا تدركه العقول، ومن استشعر هذا الفضل العظيم من المولى الكريم، فحريٌ به الاستزادة واغتنام الفرصة كلما سنحت له، فيصوم الست من شوال، والعشرة من ذي الحجة، وعاشوراء والأيام البيض من كل شهر، والاثنين والخميس، ومتى شاء من الأيام، فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله به وجهه عن النار سبعين خريفاً، ولعل من أعظم ما صامه العبد بعد شهر رمضان أيام العشرة من ذي الحجة.

ليست هناك تعليقات