"مادة سحرية" قد تمكننا من التخلص من ثاني أوكسيد الكربون الزائد



أثبت فريق من الباحثين أن الفلزات التي اكتشفت في سيبيريا منذ 70 سنة هي، في الواقع، ذات بنية مشابهة للمواد المسماة بالهياكل المعدنية – العضوية. هذه الفلزات تعد بالكثير في مجال تخزين الوقود والتخلص من غازات الدفيئة الزجاجية.



ماسة خام... مجازياً

منذ أكثر من 70 عاماً، اكتشف فلزان غريبان في منجم في سيبيريا، مدفونين تحت الصقيع الذائب على عمق 230 متر. اكتشف فلز ستيبانوفايت من قبل الجيولوجي الروسي بافل إيفانوفيتش ستيبانوف، أما فلز زيمكوزنيكوفايت فقد اكتشفه الجيولوجي الروسي يوري أبولونوفيتش زيمكيزنيكوف.

لم يستنتج العالم شيئاً ذا قيمة من هذه الاكتشافات، نظراً لعدم وجود التقنية اللازمة لفحص هذه الفلزات، ولذلك، بقيت مخزنة ومنسية لعقود كاملة.

ولكن في عام 2010، قام توميسلاف فريسكيتش، وهو بروفسور مساعد في قسم الكيمياء في جامعة ماكجيل، بالبحث عن المعلومات المتعلقة بالفلزات، واكتشف أن توصيف بنيتها متطابق بشكل مذهل مع مجموعة من المواد التي تسمى بالهياكل المعدنية – العضوية (MOFs)، وهي مواد جديدة يتم تطويرها حالياً لتفعيل طريقة واعدة في تخزين الوقود، إضافة إلى التخلص من غازات الدفيئة الزجاجية.

كان يعتقد أن هذه المواد لا تتواجد إلا في المختبرات بشكل مصمم اصطناعياً، ولم يعثر عليها في الطبيعة على الإطلاق، حتى الآن.

اضطر فريسكيتش إلى استنساخ الفلزين في المختبر حتى يتأكد من تشابههما مع الهياكل المعدنية – العضوية، ومن ثم قامت مجموعة من الباحثين بالبحث عن العينات الحقيقية، التي مر عليها عقود من الزمن، وذلك لتحليل بنيتها، وماذا حدث برأيكم؟ لقد كان فريسكيتش محقاً!


لم هي مهمة؟

يمكن لهذه المواد أن تستخدم كإسفنجة جزيئية، قادرة على امتصاص الغازات مثل الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون، ويعتقد أنه يمكن استخدامها لحبس ثاني أوكسيد الكربون الزائد لمئات السنين بينما يبقى الأوكسجين حراً. قد يكون هذا ما نحتاجه في عصر الاحتباس الحراري.

كان العلماء يصنعون الهياكل المعدنية – العضوية في المختبرات منذ ثمانينات القرن الماضي. نظراً لقدرة المادة الكريستالية المسامية على تخزين الميثان، فإنها قادرة على احتواء كمية وقود أكثر من حاوية الضغط العادية بحجم صغير جداً. لقد حطم أحد هذه المركبات الرقم القياسي في عام 1999، وذلك عدما طور نوع معين يسمى MOF-5 من قبل عمر ياغي، وهو كيميائي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وأحد الرواد في هذا المجال أيضاً. هذا الهيكل المعدني- العضوي تحديداً كان قادراً على احتواء مقدار مهول يبلغ 2,300 متر مكعب من الغازات ضمن الغرام الواحد!

لكن المشكلة في هذه المواد، على الرغم من سعتها التخزينية الكبيرة، هي أنها ضعيفة جداً، وتنهار ما أن تستخرج منها الجزيئات المختزنة، مثل غازات الوقود. أعادت التطورات الأخيرة هذه المواد إلى حيز الاهتمام، وذلك عندما لمحت شركة باسف BASF، وهي أكبر شركة لتصنيع الكيماويات في العالم، أنها تسعى لحل هذه المشكلة الرئيسية، وأنها تحضر هذه المواد لإطلاقها تجارياً.


ماذا فاتنا أيضاً؟

بما أن هذين الفلزين كانا منسيين في المخزن من دون أن نعرف حقيقتهما، فمن المرجح أنه فاتتنا أمور أخرى أيضاً، فقد يكونان منتشرين في بيئتنا أكثر مما نتخيل.

هل يعني هذا أن كل هذه العقود التي أمضيناها في دراسة وتصنيع الهياكل العضوية – المعدنية قد ضاعت سدى؟ من المبكر أن نجزم فعلياً، فقد تم تصنيع أكثر من 200,000 نوع منذ ذلك الحين، ويمكن استخدامها في مجال واسع من التطبيقات.

من المؤكد أنه لو أتى هذا الاكتشاف في وقت أبكر، لكنا وصلنا في هذا المجال إلى أبعد بكثير مما وصلنا إليه الآن، حيث يقدر فريسكيتش الفرق بثلاثين عاماً. وإذا عثرنا، في مرحلة ما، على المزيد من الهياكل المعدنية – العضوية المتشكلة طبيعياً، وأثبت أحدها جدوى أكثر بكثير من الـ 200,000 نوع التي عمل العلماء عليها لعقود كاملة... لنكن ممتنين على أي حال.

ليست هناك تعليقات