نوع جديد من الثقوب السوداء في بدايات الكون


رُصدت إشارات غريبة من المجرة CR7 السنة الماضية، وقد تثبت نظرية تقول إن حرارة الكون المبكر (أي في بداياته) تسببت بنشوء نجوم عملاقة، حيث ابتلعت هذه النجوم كل الغازات والغبار المحيط بها، ما تسبب بنهاية مبكرة لها لتترك (بذرة) ثقب أسود.


الموت نتيجة الإفراط في الأكل

في عام 2003، قام آفي ليوب، بروفسور في قسم الفلك في جامعة هارفارد، وفولكر بروم من جامعة تكساس في أوستن، بوضع نظرية حول ظهور الثقوب السوداء التي تنشأ بسبب عملية تسمى الانهيار المباشر.

في هذه العملية، فإن بيئة شديد الحرارة، مثل الكون المبكر، تحفز نشوء نجم واحد ضخم بدلاً من عدة مجموعات من آلاف النجوم الصغيرة. ونظراً لأن العناصر الثقيلة لم تكن قد انتشرت كثيراً في الكون المبكر، فإن النجوم المكونة بشكل شبه كامل من الهيليوم والهيدروجين كانت تفتقر للعناصر التي يمكن أن تساعد على خفض حرارتها.

إن النجوم التي نشأت في هذه الظروف تبدأ سريعاً بابتلاع كل الغازات والغبار المحيط بها، فتتضخم إلى حوالي مليون ضعف من حجم النجوم الطبيعية، ولكن هذا أيضاً يتسبب بنهاية مبكرة لها.


عندما يموت نجم كهذا، فقد ينهدم على نفسه متحولاً إلى ثقب أسود، وقد يكون هذا الثقب في بدايته متوسط الحجم، غير أنه في نهاية المطاف سيتضخم متحولاً إلى ثقب أسود هائل الحجم بسبب الابتلاع المستمر للمواد.

يقول ليوب: "ما يميز عملية الانهيار المباشر هي أنها تقود إلى نشوء (بذرة) ثقب أسود هائلة الحجم دفعة واحدة. من الصعب أن يتشكل ثقب أسود بهذه الضخامة في وقت قصير كهذا إذا نشأ من بذرة قليلة الكتلة."

ظهور دليل محتمل على صحة النظرية

رصد الفلكيون إشارة غريبة قادمة من مجرة CR7 السنة الماضية. تعتبر هذه المجرة أحد أشد الأجسام إضاءة في الكون المبكر ومن المفترض أن حرارتها تفوق 180,000 درجة فهرنهايت. على الرغم من اكتشاف دليل على تأين الهيليوم في هذه المجرة، إلا أنه لم يكن هناك أي أثر لعناصر أخرى، كالعناصر الثقيلة.

على أي حال، لم يثبت بعد ما إذا كانت هذه الإشارات الغريبة ناشئة من ثقب أسود ناتج عن انهيار مباشر، أو نجوم من الجيل الأول.

يقول ديفيد سوربال، وهو فيزيائي فلكي من جامعة ليسبون في البرتغال: "هذا يجعل المجرة التي اكتشفناها فريدة من نوعها، ويحقق كل الشروط اللازمة لتوقع وجود نجوم من الجيل الأول، أو ثقب أسود ناتج عن انهيار مباشر."


آثار الغاز المسخّن المحيط بأحد أول النجوم في الكون، ناسا

يتابع سوربال: "على الرغم من هذا، فإن المادة الفعلية الموجودة هناك، أي الغاز الأولي، والتي تلزم لتشكيل نجم من الجيل الأول أو ثقب أسود ناتج عن انهيار مباشر، هي نفسها بشكل عام. وإنه لمن المثير جداً أن نبدأ أخيراً بطرح أسئلة فيزيائية فعلية حول طبيعة المجرات الأولى، وهو ما يتجاوز بكثير المقاربة التقليدية، والتي تقوم ببساطة على إحصاء المجرات البعيدة."

ستجرى عمليات رصد إضافية لتحديد سبب الإشارات الغريبة من CR7 بشكل مؤكد. سيقوم بهذه المهمة تلسكوب هابل الفضائي، ومصفوفة أتاكاما الكبيرة المليمترية وتحت المليمترية (ALMA)، إضافة إلى عدة فرق بحثية تستخدم المحاكاة الحاسوبية.

ليست هناك تعليقات