اكتشاف حالة جديدة لجزيء الماء


اكتشف باحثون في مختبر ORNL أن الماء يُظهر خصائص فريدة وغير متوقعة في البيريل المعدني (الزمرد المصري الأخضر).

كشف تشتيت النيوترون و النمذجة الحاسوبية عن سلوك فريد وغير متوقع لجزيء الماء المتعرض لانحباس شديد، وهذا السلوك لا نظير له بين أي من الحالات الغازية أو السائلة أو الصلبة المعروفة.


الانضغاط الأكبر

يتواجد الماء على الأرض ضمن ثلاثة أشكال رئيسية، الجليد المتصلّب، والبخار الغازيّ والشكل المفضّل لدى الجميع وهو الحالة السائلة، وهذه معلومات معروفة لدى الجميع منذ الأزل.

ولكن توصل فيزيائيون - أولئك الذين يحبون وضع الأشياء في حالات وظروف غريبة، ثم التشكيك بمعلوماتنا حولها - إلى حالة جديدة، وشديدة الغرابة من الماء.

وهي تتضمن جوانب من الفيزياء التي تعمل على المستوى الكمومي، وأصبح معروفاً لدى الجميع أنه عندما ندخل إلى المستوى الكمومي، تصبح الأمور غريبة جداً، فكل ما تعرفه مُسبقاً، وكل ما كنت تظنّ أنك تعرفه، وكل ما تظن أنك ظننت أنك تعرفه.. حسناً، من الأفضل التخلي عن كل ذلك.

و قد عمل هؤلاء الفيزيائيون الذين يرغبون بتغيير كيفية مجرى الأمور في ورقة بحثية نشرتها مجلة فيزيكال ريفيو ليترز Physical Review Letters، يصف باحثون من قسم الطاقة DOE في مختبر أوك ريدج الوطني Oak Ridge National Laboratory  او اختصاراً ORNL حالة نفقية جديدة لجزيء الماء المحتبس في قنوات فائقة الصغر من البيريل المعدني( ألمنيوم بريليوم سيكلو سيليكات) ذات المقطع السداسي ( مقطعها 5 أنغستروم )، و الأنغستروم الواحد يساوي واحد من عشرة من المليار من المتر؛ مع العلم أن الذرة الواحدة عادة يبلغ قطرها 1 أنغستروم!.


صورة توضّح جزيئة الماء في حالتها النفقية.

الغرابة الكمومية

وهنا بدأت أمور غريبة بالحصول، فعند عبور جزيئات الماء لقنوات البيريل ذات المقطع السداسي، اتخذت تشكيلة غريبة، وبشكلٍ مخالف للتوضع غير المتناظر النموذجي لجزيئات الماء، تحرّكت ذرة الأوكسجين إلى مركز الكتلة، التي كانت تتمركز سابقاً على ذرات الهيدروجين.

واتخذت ذرات الهيدروجين، بطريقة سحرية كمومية ستة توضّعات متناظرة في الوقت ذاته، بطريقة توافق الشكل السداسي لجدران القناة، وازدادت درجة حرارة الجزيئة بينما مرّت ذرات الهيدروجين بهذه التوضّعات الستة في الوقت نفسه، وتسبّب هذا الترتيب المتناظر بفقدان الجزيئة لشيء يدعى "العزم ثنائي القطب" ، بكلمات أخرى أصبحت الجزيئة حيادية كهربائياً وفقدت قدرتها على الارتباط بذرات وجزيئات أخرى.

لن نتمكّن من فهم أي شيء من تلك الأمور الغريبة قريباً، وفي الحقيقة لا يعلم أحد ماذا سيفعل بهذا الاكتشاف.

يقول الباحث الرئيسي Alexander Kolesnikov بطريقة حائرة ولكن غير مبالية : "إنها أحد الظواهر التي تحصل فقط في الميكانيك الكمومي، وليس لها مقابل في حياتنا اليومية."

ولكن قد يكون هناك استنتاجات عملية للبحث، ومن المتوقع ظهور هذا التوضّع الغريب في الكون الطبيعي تحت ظروف محددة، ومن ضمنها جدران الخلايا الحية.

وقد استطاع هذا الاكتشاف الذي أصبح ممكناً من خلال التجارب في مسرع مصدر النيوترونات الانشطارية Spallation Neutron Source التابع لمختبر ORNL ومختبر رذرفورد أبليتون Rutherford Appleton Laboratory في المملكة المتحدة، إظهار خصائص للماء تحت انحباس فائق في الصخور والتربة وجدران الخلية؛ ويتوقع العلماء أنه سيكون موضع اهتمام العديد من المجالات.

يقول الباحث الرئيسي أليكسندر كوليسنيكوف Alexander KolesniKov من قسم المواد الكيميائية والهندسية في مختبر ORNL: "عند درجات الحرارة المنخفضة، يُظهر هذا الماء النفقي حركة كمية من خلال الجدران الفاصلة المحتملة، وهذا الشيء غير ممكن في الميكانيك العادي". ويكمل قائلاً: "هذا يعني أن ذرات الأوكسجين والهدروجين لجزيء الماء أصبحت غير متمركزة delocalized، ولذلك تتزامن بوجودها في المواضع الستة المتناظرة في القناة في الوقت عينه؛ وهذه واحدة من الظواهر التي تحدث فقط في الميكانيك الكمومي وليس هناك ما يقابلها في حياتنا اليومية".

إن وجود الحالة النفقية للماء التي أظهرتها دراسة مختبر ORNL يجب أن تساعد العلماء لتوصيف الخصائص الترموديناميكية وسلوك الماء في البيئات عالية الانحباس بشكل أفضل، كانتثار الماء وانتقاله في قنوات أغشية الخلايا وأنابيب الكربون النانومترية وأيضا حدود الحبيبات والأسطح البينية في كثير من البيئات الجيولوجية.

يشير المؤلف المشارك في الدراسة لورنس أنوفيتز Lawrence Anovitz أنه من المرجح لهذا الاكتشاف أن يثير الجدل بين علماء المواد والبيولوجيا والجيولوجيا والحواسيب بينما يحاولون شرح الآلية وراء هذه الظاهرة وفهم كيف تطبق على موادهم.

هل من المنطق تطبيق مبدأ السقاية الكمومية على المزروعات بعد ما اعتادت أو الأصح اعتدنا سقايتها بالماء العادي؟ و ما تأثير الماء الكمومي على الصخور؟ و بم أن فيزياء ميكانيكا الكم قد تطورت و بدأت تولد حواسيب كمومية (الأسرع من الضوء في علاج البيانات و نقلها في الفوتونات) هل يمكن أيضا بناء مبردات مائية كمومية للحواسيب العادية؟، ما رأيكم أنتم.

يقول أنوفيتز Anovitz: "يمثّل هذا الاكتشاف فهماً أساسياً جديداً لسلوك الماء وطريقة إفادته من الطاقة"، ويكمل: "من الأشياء المثيرة للتفكير بها هو أن جزيئات الماء تلك في حلقات الزبرجد الأزرق المخضر والزمرد الأخضر -وهي أشكال زرقاء وخضراء من البيريل المعدني- يحدث فيها نفس النفقية الكمومية التي رأيناها في تجاربنا".

وفي حين رصدت دراسات سابقة نفقية لذرات الهدروجين في أنظمة أخرى، فإن اكتشاف مختبر ORNL أن الماء يظهر مثل هذا السلوك النفقي، لم يسبق له مثيل. كما أن تجارب تشتيت النيوترون وتجارب الكيمياء المحوسبة أظهرت أن جزيئات الماء في الحالة النفقية تكون غير متمركزة حول حلقة، بالتالي فإن جزيئة الماء تظهر بشكل ثنائي الذرة غير معتاد.

يقول ألكسندر كولينسيكوف Kolensikov: "إن متوسط الطاقة الحركية لبروتونات الماء التي تم الحصول عليها مباشرة من تجربة النيوترون، هي مقياس لحركتهم تقريباً عند الصفر المطلق، وهي أقل بحوالي 30% مما هي عليه في السوائل الحرة والماء المتجمد". ويضيف: "هذا يخالف بشكل تام النماذج المقبولة اعتماداً على طاقاتها الناتجة عن أنماطها الاهتزازية".

أظهرت عمليات محاكاة المبدأ الأول من قبل نارياني تشودهري Narayani Choudhury من معهد ليك واشنطن للتكنولوجيا Lake Washington Institute of Technology وجامعة واشنطن - بوثل Washington-Bothell، أظهرت أن السلوك النفقي مقترن بالديناميكية الاهتزازية لبنية البيريل المعدني.

المشاركون المؤلفون في الورقة البحثية المعنونة "النفقية الكمومية للماء في البيريل: حالة جديدة لجزيء الماء"، هم:

تيموثي بريسك Timothy Prisk، يوجين مامونتوف Eugene Mamontov، أندريه بودليسنياك Andrey Podlesnya، جورج إهليرز George Ehlers، ديفيد ويسولوسكي David Wesolowisky، وجميعهم من مختبر ORNL؛ أيضا جورج ريتر George Reiter من جامعة هيوستن university of Houston، وأندرو سيل Andrew seel من مختبر رذرفورد أبليتون Rutherford Appleton Laboratory.

وموّل هذا البحث مكتب قسم الطاقة DOE Department of Energy لعلوم الطاقة الأساسية، وSpallation Neutron Source SNS وهو مكتب DOE في قسم Science User Facility او اختصاراً SUF.

ليست هناك تعليقات