مادة ذاتية الشفاء قد تغيّر طريقة استهلاكنا للطاقة


أتاحت التطورات الأخيرة في المجاهر الإلكترونية فرصة النظر إلى العالم بمقاييس كانت مستحيلة من قبل.


بفضل القدرة على مشاهدة التفاعلات بشكل مباشر في الزمن الحقيقي وبهذه الدقة العالية، يمكن للعلماء أن يبحثوا في العديد من الأسئلة المحيرة في الفيزياء والكيمياء.

صعود قوة النانو

لن يحصل التطور الكبير التالي في طريقة عمل بطارياتنا بين ليلة وضحاها. وتعمل الفرق العلمية على مدار الساعة لمحاولة تحقيق الثورة التالية في مجال الطاقة. ولكن الطريق طويل، وما زلنا في بدايته، ومن أهم نواحي تطوير تقنيات بطارياتنا هي القدرة على رؤية التفاعلات التي قد تؤمن الطاقة لأجهزة المستقبل. وبما أن هذه التفاعلات تحدث على المستوى النانوي، فنحن بحاجة إلى قدرة تكبير هائلة لتحقيق هذا الهدف. ويعمل فريق في مختبر ديون في جامعة ستانفورد على كلا الموضوعين في نفس الوقت.

أتاحت التطورات الأخيرة في المجاهر الإلكترونية فرصة النظر إلى العالم بمقاييس كانت مستحيلة من قبل. كما تقول جين ديون، المؤلفة الرئيسية للدراسة وبروفيسورة مساعدة في علم المواد في ستانفورد: "بفضل القدرة على مشاهدة التفاعلات بشكل مباشر في الزمن الحقيقي وبهذه الدقة العالية، يمكن لنا أن نبحث في العديد من الأسئلة المحيرة في الفيزياء والكيمياء". وتهدف التجارب إلى معرفة السبب الذي قد يجعل من الجسيمات النانوية مفيدة لصنع بطاريات ذات زمن شحن أسرع، واستيعاب أكبر للطاقة، وقدرة أعلى على تحمل تكرار الشحن والتفريغ.

وعلى أمل تصوير التفاعلات على المستوى النانوي، قام الفريق بصنع أنابيب نانوية من البالاديوم بقياس 15-80 نانو متر، ووضعها في جو محيط من الهيدروجين الغازي. مما يحفز انتقالاً في الحالة كان الفريق يهدف لتصويره. وبعد الكثير من المحاولة والخطأ، نجح الفريق في تصوير التفاعل، وذلك بالاعتماد على المجاهر الإلكترونية النافذة (Transmission electron microscopy) . وبعد هذا، اختبر الفريق التفاعل عند درجات حرارة أخفض بكثير (100 درجة كلفن، أو 280- درجة فهرنهايت) للتأكد من أن نتائج التجارب السابقة لم تتأثر بالشعاع الإلكتروني المطبق عليها. يقول المؤلف الرئيسي المشارك تارو نارايان: "لولا هذه الأدوات المحددة، لما تمكنا من تطبيق غاز الهيدروجين، أو تبريد عيناتنا بما يكفي لرؤية هذه العمليات وهي تحدث".

بذل المزيد من الجهد

سمحت تقنيات التصوير المتقدمة للفريق بملاحظة ناحية مثيرة للاهتمام في نتائجهم. حيث إن الجسيمات النانوية كانت، في الواقع، ذاتية الشفاء، ويعتبر هذا دلالة عظيمة في تحديد مدى عمر هذه الأنظمة التخزينية. تقول ديون: "عند البدء بضخ الهيدروجين، تتشوه الجسيمات وتفقد تبلورها المثالي. ولكن بعد أن تمتص الجسيمات أقصى كمية ممكنة من الهيدروجين، تتحول ذاتياً عائدة إلى الشكل البلوري المثالي مرة أخرى". تظهر هذه القدرة الشفائية تحمّلاً عالياً للجسيمات، وتعتبر مؤشراً ممتازاً على قدرة المادة على تحمّل دورات عديدة من الاستخدام وإعادة الشحن.

ستغير الطاقات المتجددة من طريقة تعاملنا مع الكهرباء. ويجب أن نستعد لاستخلاص كامل قدراتها الكامنة المذهلة. ويعتبر تطوير أنظمتنا التخزينية خطوة أساسية لرفع فعالية هذه الطاقات. ويمهد العمل العلمي - مثل البحث الذي يتم إجراؤه في ستانفورد - الطريقَ أمام التطورات المستقبلية. وسيكون تطوير أنظمة التصوير - الضرورية لفهم التفاعلات الكيماوية المركزية في تخزين الطاقة مستقبلاً - مماثلاً في أهميته لتحسين هذه التفاعلات نفسها.

ستتطور التكنولوجيا بوتيرة متسارعة، مما يؤدي إلى تطوير القدرات العلمية وازدياد الحاجة إليها. وإذا أخذنا العمل في مختبرات ديون مثالاً، نجد أن العمل على بطاريات أفضل يعتمد على أنظمة التصوير النانوي، كما يتطلب العمل على تطوير هذه الأنظمة. أي أن الاكتشاف يتطلب الابتكار، والابتكار يقود إلى المزيد من الاكتشاف، وبالطبع، يقود الاثنان إلى مستقبل مشرق.

ليست هناك تعليقات