اكتشاف أول نجم يحتوي على غلاف من الأوكسجين النقي


أكتشف العلماء أول نجم يتكون غلافه الخارجي بالكامل تقريبا من الأوكسجين النقي، ليكون بذلك أكثر النجوم غنى بالأوكسجين يتم اكتشافها حتى الآن.

وبحسب ورقة بحثية نشرتها دورية ساينس العلمية، الجمعة، فإن النجم الجديد يحتوي غلافه على نسبة 99.9 % من الأوكسجين النقي !!. 

ويعد النجم الفريد نوعاً جديداً من النجوم القزمية، وقد تم اكتشافه بواسطة فريق من الفلكيين البرازيليين برئاسة البروفيسور كيبلر أوليفيرا في الجامعة الفيدرالية في مدينة ريو غراناد دوسول.

والنجم يقع ضمن 32 ألفا من النجوم البيضاء القزمية، وقد أطلق عليه المكتشفون اسم "دوكس" (Dox).

وتتحول النجوم إلى قزمية بيضاء عندما تفقد الهيدروجين والهيليوم وتسمى بالنجوم المحتضرة، وبالرغم من أن دوكس يكبر عن الأرض قليلا في الحجم إلا أنه يشكل 60 % من كتلة الشمس.

المعروف إنه ثبت للنجوم غلافاً جويًّا، و من ضمن هذه النجوم شمسنا و يعرف هذا الغلاف باسم "الغلاف النجمي الجوي" و هو الطبقة الخارجية من النجم والواقعة فوق منطقة الإشعاع Radiation zone (منطقة/طبقة يتم فيها نقل الطاقة راديويًّا أو بالتوصيل) وبعد منطقة الحمل الحراري Convection zone (و هي منطقة/طبقة في النجم حيث تكون غير مستقرة بسبب الحمل الحراري، فالطاقة فيها يتم نقلها بفعل هذا الحمل بالمقام الأول أو الجزئي).

يقسم الغلاف الجوي للنجوم إلى مناطق متمايزة عن بعضها وهي:

الغلاف الضوئي وهي أخفض مناطق الغلاف الجوي وأبردها، وهي الوحيدة التي يمكن رؤيتها، يستطيع الضوء أن يصدر من السطح وأن يمر من خلال الطبقات الأعلى، تصل درجة الحرارة الفعالة للغلاف الضوئي للشمس ما بين 5770 إلى 5780 كلفن.

تقع منطقة الغلاف اللوني فوق الغلاف الضوئي، وتنخفض فيها درجة الحرارة أولاً ثم تزداد حتى تصل إلى 10 مرات من درجة حرارة منطقة الغلاف الضوئي التي قبلها.

تلي منطقة الغلاف الضوئي منطقة الانتقال الشمسي، والتي يحدث فيها ازدياد مطرد لدرجات الحرارة بعد قطع مسافة حوالي 100 كم.

المنطقة الأخيرة والخارجية في الغلاف الجوي للنجم هي الهالة، وهي من البلازما، وتصل فيها درجات الحرارة إلى ما يزيد عن مليون كلفن.

و بحسب الاكتشافات إن الهالة الشمسية أسخن من سطحها و لم يعرف حتى الآن السبب لكن يقترح أن أمواج ألففين (وهي نوع من أمواج هيدروديناميكا مغناطيسية وسمي على اسم هانز ألففين) لها الطاقة الكافية لتسخين الهالة.

و المعروف حتى الآن إن نسبة الأكسجين و جزئيات الماء تكون نسبتهما منخفضة جدا في مثل هذا النوع من الأغلفة، الأمر الذي يدفع العلماء إلى طرح سؤال مهم و هو كيف تشكل هذا الغلاف المكون من الأكسجين على القزم الأبيض؟

ملحوظة: تسمى العناصر الأثقل من عنصري الهيدروجين والهيليوم بـ"معادن" طبقا للمصطلح الفلكي، ونسبتها في الشمس أقل من 2% من كتلة الشمس و تتكون نسبة 1% من المعادن من الأكسجين.

ماذا يحدث بالضبط حين يتحول النجم إلى قزم أبيض؟

عندما تدخل النجوم الصغيرة نسبياً (أي تلك التي تمتلك كتلةً أصغر من كتلة الشمس بـ 10 مرات) في المرحلة النهائية من حياتها، فإنها تطرح طبقاتها الخارجية وتتحول إلى أقزام بيضاء (white dwarfs)، كما تتحرك العناصر الثقيلة نزولاً نحو النّواة الثقيلة للنجم بفعل الجاذبية الهائلة، بينما ترتفع العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهيليوم إلى سطح النجم، و هذا على الأقل ما يحدث عادة.

ما المميز أيضا في القزم الأبيض "دوكس" المكتشف؟

هذا النجم الذي أُطلق عليه اسم SDSS J124043.01+671034.68 يشذّ عن القاعدة، ليس فقط ما اكتشفه علماء الفلك أن غلافه الجوي الخارجي يتكون من الأوكسجين بنسبة تزيد عن 99%، بل اكتشفوا أيضاً آثاراً تدل على وجود عناصر أخرى مثل النيون والمغنيسيوم والسيلكون، و الأهم أنهم لم يعثروا على أي مؤشرات حول وجود الهيليوم والهيدروجين، وهما العنصران المتوقع وجودهما بشكل كبير في الغلاف الجوي الخارجي للنجوم. 

أين اختفت عناصر الهيدروجين و الهيليوم؟

تشكل حالة هذا النجم لغزاً للفريق الذي اكتشفه، والفريق بقيادة "سوزا أوليفيرا كبلر"، البروفيسور و الدكتور في علم الفلك من جامعة ريو غراندي دي سول الاتحادية في البرازيل، و بحسب المصادر الإخبارية العلمية تساءل كبلر في حديثه في موقع Popular Mechanics الإلكتروني: "ما الذي حدث لجميع العناصر الخفيفة في الغلاف الجوي؟ وما هو السبب الذي أدّى إلى تجريد سطح النجم من بقيّة العناصر؟".

لا يملك علماء الفلك إجابةً واضحةً عن هذه التساؤلات، إلا أنهم يتكهنون منذ فترة طويلة باحتمال كون هذه العناصر قد جُردت من سطح النجم بشكل تدريجي مع مرور الوقت، وفي حال نجاح العلماء في التأكد من صحة هذا الاحتمال، فإن النجم SDSS J124043.01+671034.68 (أو "دوكس" Dox كما لقبه العلماء) سيكون بمثابة الدليل الأول على حدوث هذه الظاهرة.

يُعدّ هذا النجم المليء بالأوكسجين فريداً من نوعه عندما يتعلق الأمر بالأجسام الشمسية المعروفة لدينا، وذلك لكونه النجم الوحيد بين 32,000 قزم أبيض الذي يمتلك غلافاً من الأكسجين النقي. 

يقول كبلر: "كان العثور على قزم أبيض بمثل هذه الحالة أمراً غير متوقع أبداً، ونظراً لعدم امتلاكنا أدنى فكرة عن إمكانيّة وجود شيء مثله، فقد أدى ذلك إلى جعل عملية البحث غايةً في الصعوبة". 

ويبقى التساؤل، كيف اختفت بقية العناصر الأخرى؟ في الواقع. 

تفسيرات

لا أحد يعرف شيئاً على وجه اليقين، إلا أن كبلر وزملائها يمتلكون بعض الأفكار بخصوص هذا الشأن، مثل: 

1- من الممكن مثلاً أن يكون "دوكس" جزءاً من نظام نجمي ثنائي، حيث إن التفاعلات الحاصلة مع النجم الآخر في النظام ساهمت بطريقة أو بأخرى في تجريد بقية العناصر من الغلاف الجوي، وبالتالي كشفت عن جيب من الأوكسجين موجود في الأسفل. 

2- تفسير آخر محتمل هو وجود شيء ما داخل النجم من قبيل نبضةٍ هائلةٍ من الكربون الملتهب في نواة دوكس، التي ربما انفجرت نحو الخارج وأدّت إلى القضاء على العناصر الخفيفة الموجودة في سطح النجم. 

وبالطبع، لن نفهم سبب ما حصل حتى نتعلم المزيد عن هذه الأنواع من النجوم النادرة. 

على كل حال، إنّ الشيء العظيم في اكتشاف "دوكس" هو أنه سيدفع العلماء بالفعل إلى إعادة تنظيم ما يعرفونه حول التطور النجمي، وعلى وجه الخصوص كيفية تأثير الأنظمة النجمية الثنائية على تطوّر النجوم التي تتحرك داخلها. 

يقول كبلر: "تكمن المشكلة الحقيقية باعتقادي في كوننا خصصنا الخمسين سنة الماضية لحساب تطور النجوم التي لا تتفاعل مع بعضها، في حين توجد نسبة من النجوم تُقدر نسبتها بـ 30% تتفاعل مع نجم مرافق داخل الأنظمة الثنائية".

للمزيد:








ليست هناك تعليقات