المعلم الشهيد "أبو هربيد".. مسيرة مفعمة بالبذل و العطاء

البدايات الجميلة حتمًا ستؤول بصاحبها إلى النهايات الجميلة، وهكذا كانت البدايات مع المعلم "ناهض أبو هربيد" وهو يتقلب بين الكتب باحثا عن العلم و المعرفة ليحقق ذاته و ينمي من قدراته و إمكاناته.. قبل أن ينتهي به المطاف إلى النهاية الاجمل على الإطلاق مضرجا بدماء الشهادة وما أزكاها من دماء تلك التي تسيل على ثرى الأرض المباركة "فلسطين".

في بلدة بيت حانون كانت البداية حيث الميلاد والنشأة والتربية والتعليم وانطلاق مسيرة البناء والعطاء، فقبل (26 عاما) أبصر الشهيد ناهض أمين أبوهربيد النور، لينشأ ويترعرع بين أحضان أسرة مؤمنة وملتزمة تعرف دورها وواجباتها تجاه دينها ووطنها، الامر الذي ساهم في تعزيز انتماء أبنائها ومن بينهم "ناهض" لهذا الدين ولهذا الوطن السليب، كيف لا وحب الأوطان لا ينفصم عن حب الأديان..!

مسيرة اجتهاد

تدرج الشهيد المعلم "ناهض" في مدارس بلدته بيت حانون حيث اختار الفرع الزراعي ليدرس بمدرسة هاني نعيم الزراعية فكان طالبا نجيباً، وحصل على الشهادة الثانوية من تلك المدرسة، ليعيّن مباشرة "فني زراعي" بمدرسته نظرا لكفاءته واجتهاده.

مسيرة الجد والاجتهاد للشهيد "ناهض" لم تتوقف عند هذا الحد كما يقول مدير مدرسة هاني نعيم الزراعية الثانوية أ. أيمن أبو ليلة حيث واصل الشهيد تدرجه في طلب العلم بالتحاقه بكلية الزراعة في جامعة الازهر، وليحصل منها على شهادة البكالوريوس تخصص (انتاج حيواني- علوم زراعية)، كل ذلك إلى جانب التزامه بعمله في المدرسة مع ما يتحمله من أعباء وواجبات والتزامات.

و أوضح أ. أبو ليلة أن الشهيد "ناهض" واصل مسيرة عطائه التربوي دون كلل أو ملل حتى تمكن من اجتياز مسابقة (رئيس قسم) ليصبح رئيسا لقسم (الأبقار) ما ساهم لاحقا في تعزيز القدرات الإنتاجية للقسم حيث كان يدير عملية متابعة القسم على أسس علمية ومهنية مميزة.
وأشار مدير المدرسة إلى أن الشهيد "ناهض" تمكن خلال سنوات عمره القليلة من تحقيق قصة نجاح متكاملة الأركان تُوّجت بالشهادة في سبيل الله.

واستشهد المعلم ناهض خلال العدوان الأخير على غزة (7 تموز-26 أغسطس 2014) إثر انفجار صاروخ من مخلفات الاحتلال بالقرب من مديرية التربية والتعليم- شمال غزة، شمال مدينة الشيخ زايد، بتاريخ (13/08/2014)، تاركا خلفه زوجه ونجله الوحيد الذي يبلغ من العمر عام ونصف العام فقط.

بصمات واضحة

نائب مدير المدرسة أ. وليد جحلش تحدث بمرارة عن الشهيد "ناهض" مؤكدا انه ترك فراغا كبيرا باستشهاده، حيث كانت له بصمات واضحة في المدرسة وكان محبوبا من قبل زملائه وطلابه الذين كانوا يرون فيه بمثابة القدوة التي تحتذى في الجد والاجتهاد وتحقيق الطموحات.

الطالب محمد الخطيب في الصف الثاني عشر- زراعي، أعرب -كما غيره من الطلبة- عن حزنه الشديد لاستشهاد المربي "ناهض"، لافتاً إلى أنه كان يتميز بالعلم الغزير والأدب الرفيع وكان محبوبا من قبل الطلبة.

وأشار الطالب الخطيب إلى أنه يرى في الشهيد "ناهض" أسوة حسنة في الصبر والاجتهاد وتحدي العقبات والوصول إلى الأمنيات.

وهكذا ارتحل المعلم "ناهض" شهيداً بعد مسيرة مفعمة بالجد والاجتهاد، ليظل لمن بعده قدوة جديرة بأن تحتذى كما أجمع على ذلك معلمي وطلبة المدرسة التي انتمى تربى بين جنباتها وبات علماً من أعلامها...

ليست هناك تعليقات